للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأول:

إن المصنف قد أشار إلى أن غير «فوق وتحت» من أسماء الجهات من المتوسط التصرف، وذلك نحو «أمام وقدام ووراء وخلف وأسفل وأعلى» وليعلم أن الكلمات المذكورة إذا تصرف فيها لا فرق بين أن لا يتجوز فيها نحو قولك:

خلفك مجدب و «وراءك أوسع لك» (١) وبين أن يتجوز فيها نحو قولك: زيد خلفك برفع خلف فجعله خبرا عن زيد، فزيد ليس بخلفك في الحقيقة وإنما الخلف مكان لزيد، وطريق المجاز فيه أن يقدر مضاف إلى المبتدأ محذوف، التقدير: مكان زيد خلفك أو أن يجعل الخلف زيد لما كان [٢/ ٤٦٦] حالّا فيه كما جعل النهار صائما من قولهم: نهاره صائم لما كان الصوم واقعا فيه (٢) وليس هذا الذي ذكر مخصوصا بأسماء الجهات، بل يجوز ذلك في غيرها فتقول: مكانك مرتفع وعمرو مكانك، برفع مكانك على التقديرين اللذين ذكرا في زيد خلفك (٣). أشار إلى ذلك كله ابن عصفور في شرح المقرب.

بقي أن يقال: إن قول المصنف: (كغير فوق وتحت من أسماء الجهات) يدخل فيه يمين وشمال، وعلى هذا يكونان من المتوسط التصرف، لكن المصنف قد عدهما مع الكثير التصرف، وقد يجاب عن هذا بأن نحو «يمين وشمال» لا يدخلان تحت قوله: (كغير فوق وتحت)، لأنه قد ذكرهما قبل فيما يكثر تصرفه، فكان ذكرهما أولا مخصصا لما أفهمه قوله: (كغير فوق وتحت من أسماء الجهات).

الثاني:

قد عرفت أن «حيث» من الكلمات النادرة التصرف وأن مما استدل به المصنف على تصرفها قول الشاعر: - -


(١) سبق تخريج هذا المثل في باب تعدي الفعل ولزومه، ولكن الاستشهاد به هنا يختلف عنه فيما سبق، فالشارح أورده هنا على أن «وراء» استعمل اسما لا ظرفا حيث وقع مبتدأ.
(٢) مذهب البصريين التسوية في ذلك بين المعرفة والنكرة، وأما الكوفيون فلا يكون ظرف المكان عندهم إلا معرفة بالإضافة أو مشبها للمعرفة بها نحو: خلفك وخلف الحائط؛ فإن قيل: وراء وقداما وخلفا فليس بظرف. اه. التذييل (٣/ ٣٩٨).
(٣) ينظر: التذييل (٣/ ٣٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>