الفارسي، قال: لأن كل مضاف سوى باب الحسن [٢/ ٤٧٦] الوجه يقدر باللام أو بمن ولم يمنع ذلك من الإضافة، وقولنا: الظرف مقدر «بفي» معناه: يصلح في اللفظ إن كان متمكنا ولا يعني إضمارها لعدم الخفض ولا تضمينها لعدم البناء، وإذا لم تضمر ولم تضمن فتقديرها تقدير معنى كتقدير لام الملك في غلام زيد و «من» للتبيين في ثوب خز، وكذا تقول: هنا في للوعاء، ولا يمنع الإضافة كما لا يمنعها تقدير لام الملك (١). انتهى.
والذي يظهر أن الحق ما قاله الفارسي؛ لأن تقدير الحرف في الإضافة إنما هو تقدير معنوي ليفيد الاختصاص إن كان المقدر اللام، والجنسية إن كان المقدر «من»، وأما تقدير الحرف مع الظرف فإنه مقدر لفظا مع كونه مقدرا معنى، وإذا كان مقدرا لفظا كان في حكم الملفوظ به، وإذا كان كذلك فلا يجوز الإضافة إلى الظرف وهو باق على الظرفية لما يلزم من الفصل بين المضاف والمضاف إليه، والدليل على أن التقدير في الإضافة يخالف التقدير في باب الظرف أنك لو أتيت بالحرف في الإضافة فقلت: غلام لزيد وثوب من خز تغير معنى الإضافة، أما إذا أتيت بالحرف في نحو: سرت يوم الخميس فقلت: سرت في يوم الخميس فمعنى الظرفية باق، لكن مع وجود «في» لا يطلق على مدخولها ظرف في اصطلاح النحاة؛ لأن الظرف عنده هو المنصوب من أسماء الزمان والمكان على تقدير «في».
وقد قال ابن أبي الربيع: لو تعدى الفعل إلى المفعول فيه على حسب ما يطلبه لتعدى إليه بحرف الجر، ويجوز ذلك
فيه فتقول: جلست في يوم الجمعة ومشيت في يوم الخميس، ولا يكون حينئذ ظرفا إنما يكون من قبيل ما يصل الفعل إليه بحرف الجر، ولا يسمي النحويون ظرفا إلا ما انتصب بالفعل على معنى «في» مما يكون زمانا أو مكانا وإن كان المعنى واحدا. انتهى.
فقوله: إن المعنى واحد مع قوله: إن النحويين لا يسمون مدخول «في» ظرفا يحقق ما ذكرته ويقوي ما أشرت إليه وجوب ذكر «في» مع ضمير الظرف، وتعليل ذلك بأن الضمائر ترد معها الأشياء إلى أصولها؛ فلولا أن الأصل في الظرف أن تباشره «في» لما صح هذا التعليل، فإن قيل: قد قلتم: إن «في» إذا باشرت -