للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الظرف خرج عن الظرفية إلى الاسمية، وتقدم الدليل على ذلك في أول الباب. فإذا حكمتم بأن «في» مقدرة لفظا لزم خروج الظرفية عن الظرفية إلى الاسمية، فالجواب: أن الكلمة إنما تخرج عن الظرفية إذا لفظ معها «بفي» أما تقديرها فلا يلزم منه ما يلزم من النطق بها، ولا شك في ظهور الفرق بين ما هو ملفوظ به وبين ما هو في حكم الملفوظ به (١)، وقد استضعف ابن عصفور قول الفارسي أيضا فقال: هذا الذي استدل به الفارسي هو الذي عول عليه أكثر النحويين، وهو عندي ضعيف لأن العرب تفصل بين المضاف والمضاف إليه بحرف الجر ملفوظ به في باب لا [٢/ ٤٧٧] نحو قولك: لا أبا لك، وإذا لم يعتدوا به فاصلا وهو ملفوظ به فبالأحرى أن لا يعتدوا به فاصلا، وهو مقدر، وليس ما ذكروه من أن المقدر بمنزلة الملفوظ صحيحا، إذ لو كان كذلك لم يصل الفعل إلى نصب الظرف كما لا يصل إليه مع اللفظ «بفي» بل لقائل أن يقول: كما لم يعتدوا بفي المقدرة ولذلك نصبوا، كذلك ينبغي أن لا يعتد بها إذا أضافوا، قال: وإلى ذلك ذهب الجزولي، فإنه أجاز الإضافة مع بقاء الظرفية، ثم قال: والصحيح عندي أنه لا يضاف إلى الظرف إلا بعد الاتساع فيه كما ذهب إليه أبو علي، لكن العلة فيه هو ما ذكره، وهي أن الظرف إذا دخل عليه الخافض خرج عن الظرفية، والسبب في ذلك أي في خروج الظرف بالخفض عن الظرفية إلى الاسمية ما ذكره أبو الحسن في كتابه الكبير من أنهم جعلوا الظرف بمنزلة الحرف الذي ليس باسم [٣/ ٧] ولا فعل لشبهه به، من حيث كان أكثر الظروف قد أخرج منها الإعراب وأكثرها أيضا لا يثنى ولا يجمع ولا يوصف، قال: فلما كانت كذلك كرهوا أن يدخلوا فيها ما يدخلون في الأسماء (٢). انتهى ما ذكره ابن عصفور، ولقائل أن يقول: ما ذكره من الفصل في «لا أبا لك» يجاب عنه من وجهين: -

أحدهما: أن هذا شاذ يحفظ ولا يقاس عليه، وما كان خارجا عن القواعد والقياس لا عبرة به. -


(١) ينظر: شرح المفصل لابن يعيش (٢/ ٤٥، ٤٦)، والأشباه والنظائر (١/ ٢٢٢).
(٢) ينظر: التذييل (٣/ ٤٣٤ - ٤٣٦)، والأشباه والنظائر (١/ ١٧) حيث ذكر هذا النص فيهما لابن عصفور.

<<  <  ج: ص:  >  >>