للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال المصنف: كأن تقول: إنّا إذا قلنا: ما صنعت وأباك فالنصب بإضمار كأنه قال: ما صنعت [٢/ ٤٨٥] ولابست أباك لأنه لا يعمل الفعل في المفعول وبينهما الواو، وهذا غير صحيح؛ لأن الفعل يعمل في المفعول على الوجه الذي يصح به الارتباط؛ فإن ارتبطا بلا واسطة فلا معنى لدخول حرف بينهما، وإن لم يرتبطا إلا بواسطة فلا بد منها

تقول: ضربت زيدا وعمرا، فتنصب عمرا بضربت كما تنصب به زيدا، لكننا استغنينا في تعليق زيد بالعامل عن واسطة، واحتجنا إليها في تعليق عمرو فأتينا بها (١)، ومثله في الحاجة إلى واسطة: ما ضربت إلا زيدا، وضربت إما زيدا وإما عمرا، فنصب ما بعد إلا بالفعل ولا تمنع الواسطة من ذلك؛ لأن المعنى لا يصح بدونها فكذا تنصب ما بعد الواو بما قبلها؛ لأن المعنى لا يصح إلا بها.

ومما يبين فساد تقدير الزجاج أنه إما أن يقصد تشريك صنعت ولا بست في الاستفهام فلا يصح؛ لأن صحة عطف الفعل على الفعل بعد الاستفهام يقتضي جواز الاستغناء بالثاني عن الأول، والأمر بخلاف ذلك في التقدير المذكور، إذ لا معنى لقول القائل: ما لابست أباك، وإما أن لا يقصد التشريك فلا يصح أيضا؛ إذ لا يعطف جملة خبرية على جملة استفهامية مع استقلال كل [٣/ ١١] واحدة منهما، فأن لا يجوز ذلك مع عدم الاستقلال كما في المثال المذكور أحق وأولى، وأيضا لو كان ما بعد الواو منصوبا بفعل مضمر، لم يحتج إلى الواو كما لا يحتاج إليها مع إظهاره، ألا ترى أنك لو أظهرت فعل الملابسة في: ما شأنك وزيدا، قلت:

ما شأنك تلابس زيدا دون واو، فيلزم من حكم بإضمار تلابس الاستغناء عن الواو كما يستغنى عنها مع الإظهار، والاستغناء عنها باطل وما أفضى إليه باطل (٢).

انتهى. قلت: وإذا كان الناصب فعلا مقدرا كما قال الزجاج: يكون المنصوب الواقع بعد الواو مفعولا به لا مفعولا معه، وإن كان الزجاج يقدر ذلك في كل صورة من صور هذا الباب، فلا مفعول معه عنده (٣). -


(١) ينظر: شرح المفصل لابن يعيش: (٢/ ٤٩).
(٢) شرح التسهيل للمصنف (٢/ ٢٥٠).
(٣) بهذا ردّ الدماميني رأي الزجاج في شرح التسهيل له (ص ١٦٧٠)، وينظر: الهمع (١/ ٢٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>