للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والأخفش لا يجيز هذا، قال: ولا أقول: ضحكت وطلوع الشمس حتى لا يصح فيه العطف؛ إذ الطلوع لا يكون منه ضحك، وأجاز جاء البرد والطيالسة؛ لأن المجيء يصح منهما، وقد استدل على أن أصلها العطف بثلاثة أمور:

الأول: أنها لو لم تكن العاطفة لكانت مختصة وللزم خفضه بها، فلما لم يخفض دل على أنها حرف عطف في الأصل، فروعي ذلك الأصل.

الثاني: امتناع تقديم ما بعدها على الفعل كما لا يتقدم المعطوف على الفعل، ولو لم يكن أصلها العطف لتقدم كما يتقدم سائر المفعولات.

الثالث: أنه لا يجوز أن تستعمل إلا حيث يجوز فيه العطف حقيقة، نحو: جاء البرد والطيالسة، وما صنعت وأباك، أو مجازا نحو: سار زيد والنيل؛ لأنه يصح فيه العطف بطريق المجاز، وذلك أنه لا يفارق زيدا في حال سيره كما لا يفارقه من سايره، وهذا بخلاف: ضحكت وطلوع الشمس؛ إذ لا يصح إسناد هذا الفعل إلى طلوع الشمس لا حقيقة ولا مجازا (١)، ومقتضى كلامهم واستدلالهم أنه لابد من تصور صحة العطف في جميع صور مسائل هذا الباب، [٣/ ١٢] إما بطريق الحقيقة وإما بطريق المجاز، حتى غلطوا الزجاجي في دعواه أنه لا يجوز في: استوى الماء والخشبة إلا النصب (٢)، وقالوا: العطف جائز بطريق المجاز لكنه ضعيف (٣)، وحتى إنهم قالوا في:

١٦٤٠ - فكان وإيّاها كحرّان (٤)

إن المراد كحران والماء لأنه لا يشبه اثنان بواحد، وعلى هذا يصح العطف؛ إذ يصير التقدير: فكان هو وهي كحران والماء، وقالوا في: «أنت أعلم ومالك»: لما كان النظر في المال يلزم منه في الأكثر مجيء المال على اختيار الناظر فيه صار موافقا -


(١) التذييل (٣/ ٤٥٢، ٤٥٣).
(٢) في شرح الجمل لابن عصفور (٢/ ٣٦٧) «وأما منع أبي القاسم الرفع في: استوى الماء والخشبة ففاسد، وكأن الذي حمله على ذلك أنه لا يسوغ: استوى الماء واستوت الخشبة وهذا لا حجة فيه، لأنه وإن لم يسغ ذلك فيه فلا يمتنع العطف كما لم يمتنع اختصم زيد وعمرو بالرفع وإن لم يسغ: واختصم عمرو». اه. وانظر كلام الزجاجي في كتابه الجمل (ص ٣١٧) تحقيق د/ علي توفيق محمد.
(٣) هذا قول ابن الضائع في شرح الجمل له.
(٤) تقدم ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>