للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وإما أن يعطف على المبتدأ الذي هو أنت ويكون «أعلم» خبرا عنهما، أعني عن أنت وعن مالك، إن جاز ذلك، أو يقدر له خبر يكون معطوفا على الخبر الذي هو «أعلم» كما أن «ومالك» معطوف على المبتدأ الذي هو «أنت» فيكون المبتدأ قد عطف على المبتدأ والخبر المقدر قد عطف على الخبر، فيلزم إذ ذاك الإخبار عن المال بالأعلمية، ولا يصح أيضا لأنه كما لم يصح كون الأعلمية مسندة إلى المال على جهة الفاعلية لا يصح كونها مسندة إليه على جهة الخبرية (١)، فقد ظهر امتناع عطف «ومالك» على التقادير الثلاثة، وقد افترق الناس في توجيه ذلك فرقتين: فرقة استقرت بالواو على بابها من اقتضائها التشريك بين المتعاطفين في اللفظ والمعنى فاضطروا إلى دعوى المجاز بأن قالوا: إن مالك معطوف على المبتدأ الذي هو «أنت» وأخبر عنه «بأعلم» تجوزا، وذلك أنه لما كان النظر في المال يلزم منه في الأكثر مجيء المال على اختيار الناظر فيه صار مواتيا له فنسب العلم إليه مجازا (٢).

وفرقة حملت الواو هنا على أنها غير مشركة في المعنى، وأنها إنما شركت في اللفظ فقط وقالوا: إن الواو في هذا المحل نابت عن حرف آخر وهو الباء كما سيأتي، والباء لا دلالة لها على تشريك معنوي فأعطيت الواو حكم ما نابت عنه، ولما كانت صورة العاطفة أعطت حكمها لفظا فشركت في الإعراب لا غير، وهذا القول هو المعول عليه (٣)، وتقديره أن أصل الكلام: أنت أعلم بمالك، فحذفت الباء ونابت الواو منابها كما أنابوها منابها في قولهم: بعت الشاة شاة ودرهما أصله شاة بدرهم، ثم حذفت الباء وأقيمت الواو مقامها، والمعنى مع الواو كحاله مع الباء، فلم

تفد الواو إلا التشريك في اللفظ لا غير (٤)، وإلى هذا ذهب الجرمي وابن طاهر أعني كون الواو عاطفة لفظا لا معنى (٥) وهو اختيار المصنف، وقد -


(١) ينظر: الأشباه والنظائر (٤/ ٦٨)، والتذييل (٣/ ٤٥٩).
(٢) ينظر: الهمع (١/ ٢٢١)، والمطالع السعيدة (ص ٣٣٥)، والأشباه والنظائر (٤/ ٦٨، ٦٩).
(٣) ينظر: التذييل (٣/ ٤٥٩).
(٤) ينظر: شرح التسهيل للدماميني (١٦٧١)، والأزهية (٢٣٢)، والمغني (٢/ ٣٥٨)، والأشباه والنظائر (٤/ ٦٩، ٧٠).
(٥) ينظر: التذييل (٣/ ٤٥٩)، والأشباه والنظائر (٤/ ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>