للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تقدم ذكر ذلك في أوائل الباب غير أنه قال: أنت أعلم مع مالك كيف تديره فلم يتعرض إلى ذكر الباء، وتبع فيما قاله سيبويه حيث قال: فإنما أردت: أنت أعلم مع مالك [٣/ ١٥]، ويظهر أن كلّا من الاعتبارين صحيح، أما من قال: المراد:

مع مالك فمراده تفسير معنى الواو، ولا شك أن معناها [٢/ ٤٩٤] المعية لأنها واو «مع» أي الواو التي تفيد ما تفيد «مع»، ومن قال: المراد: أنت أعلم بمالك فمراده أن الأصل كان للباء، ثم أقيمت الواو مقامها. فذكر الباء باعتبار أصل التركيب، وذكر «مع» باعتبار ما آل إليه الأمر بعد إبدال الباء بالواو، وأيضا فالخبر الذي هو أعلم مشعر بما كانت الباء تفيده لو ذكرت بخلاف ما لو ذكرت الباء فإنها مع «أعلم» لا دلالة لها على الصحبة، فكان تفسير سيبويه للواو في «ومالك» بمعنى «مع» أولى من تفسيرها بالباء، فإن قلت: ما الموجب لأن عدلوا إلى الواو فأقاموها مقام الباء في مثل هذا قلت: يمكن أن يقال: المراد من قولهم: أنت أعلم ومالك - شيئان:

أحدهما: الدلالة على المعية، والآخر: الدلالة على العلم بطرق التصرف فيه والتدبير، فلو لم يعدل إلى الواو وقيل: أنت أعلم بمالك، لانتفت الدلالة على المعية ظاهرا؛ لأن الباء أصلها أن تكون للإلصاق لا للمعية ولو لم تكن الواو نائبة عن الباء وكانت مأتيّا بها ابتداء انتفت الدلالة على العلم بطرق التصرف والتدبير في المال وتمحضت الدلالة على المعية والغرض أن كلا الأمرين مراد، فإذا ادعي في الواو النيابة عن الباء حصلت إفادة الأمرين معا؛ لأنها تفيد معنى الباء بالنيابة، وتفيد المعنى الآخر بالأصالة، فإذا عرفت أن الواو هنا نائبة عن الباء وأن العطف روعي فيه اللفظ دون المعنى، وقد تقدم الواو اسمان مبتدأ وخبر وهما أنت وأعلم وجب أن نبحث عن المعطوف ما هو من هذين الاسمين، وقد قيل بعطفه على كل منهما، ولا شك أنه إذا تقرر أن العطف هنا لفظي لا شركة بينه وبين

المعطوف عليه في المعنى كان العطف سائغا على أيهما شئت، لكن تنظير المصنف هذا الاستعمال باستعمال النعت على الجواز يقتضي أن يكون المعطوف عليه هو الخبر لقربه وبجواره لا الاسم، وقد صرح بعطفه على الخبر أبو بكر بن طاهر فقال: هو معطوف على «أعلم» لأن الأصل بمالك، فوضعت الواو موضع الباء فعطفت على ما قبلها ورفعت -

<<  <  ج: ص:  >  >>