للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأشار بالثاني إلى نحو: لا تنه عن القبيح وإتيانه، أي مع إتيانه، فالعطف هنا بيّن الامتناع (١)، وكذا في: استوى الماء والخشبة، وما زلت أسير والنيل (٢)، قلت:

وهذا هو السبب المعنوي الموجب للنصب الذي تقدم الوعد بذكره، وأشار بالثالث إلى نحو: ما صنعت وأباك، فإن نصبه على المعية مختار وعطفه جائز على ضعف؛ لأن المعطوف عليه ضمير رفع [٢/ ٥٠٤] متصل غير مفصول بينه وبين العاطف، وما كان كذلك فعطفه ضعيف، وأكثر ما يكون في الشعر كقول الشاعر:

١٦٦١ - ورجا الأخيطل من سفاهة رأيه ... ما لم [٣/ ٢٠] يكن وأب له لينالا (٣)

فلو نصب الأب لكان أجود لما تبين من ضعف العطف، هذا آخر كلام المصنف (٤) في تقرير هذا الموضع، وقد تبين منه أن رجحان العطف متوقف على انتفاء كل من الأمور الثلاثة، أما إذا لم ينتف ما ذكر، وذلك بأن يوجد التكلف أو المانع أو الموهن فإن رجحان العطف ينتفي حينئذ، ولكن إذا انتفت رجحانية العطف فقد يكون العطف جائزا ولكنه يكون مرجوحا؛ لأن النصب على المعية هو الراجح إذ ذاك كما إذا وجد التكلف أو الموهن وقد يكون العطف ممتنعا كما إذا وجد المانع منه، وإنما احتاج إلى ذكر انتفاء المانع، لأنه لو اقتصر على قوله: (بلا تكلف ولا موهن) لورد عليه نحو: لا تنه عن القبيح وإتيانه، لانتفاء التكلف والموهن فيه، مع أن العطف لا غير راجح، بل هو ممتنع، فإن قيل: كيف يصدق انتفاء رجحانية العطف على الصورة التي يمتنع فيها العطف؟ فالجواب: أن انتفاء رجحانيته أعم من جوازه مع مرجوحيته، ومن (امتناعه) (٥) أصلا، ولا شبهة في -


(١) ينظر: التذييل (٣/ ٤٧٢).
(٢) لأنه لا يصح مشاركة ما بعد الواو هنا لما قبلها في حكمه.
ينظر: الأشموني (٢/ ١٣٩، ١٤٠).
(٣) البيت من الكامل وهو لجرير وهو في: المقرب (١/ ٢٣٤)، والعيني (٤/ ١٦٠)، والتصريح (٢/ ١٥١)، والإنصاف (٢/ ٤٧٦)، والأشموني (٣/ ١١٤)، والهمع (٢/ ١٣٨)، والدرر (٢/ ١٩١)، وديوان جرير (ص ٤٥١).
والشاهد فيه قوله: «وأب»؛ حيث رفع على العطف ولو نصب كما ذكر المصنف لكان أجود.
(٤) شرح التسهيل للمصنف (٢/ ٢٦٠، ٢٦١).
(٥) في (أ): (انتفائه).

<<  <  ج: ص:  >  >>