للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الكلام من تتمة ما قبله، وكأنه لما قال: إن العطف يرجح عند انتفاء كل من الأمور الثلاثة - وكانت هذه الصورة التي سيمثل لها داخلة تحت هذا الضابط لانتفاء الأمور المذكورة عنها، مع أن العطف فيها مرجوح - أفردها بالذكر ونص عليها بخصوصها، قال في الشرح: وأشرت بقولي: فإن خيف به أي بالعطف فوات ما يضر فواته رجح النصب على المعية - إلى نحو: لا تغتد بالسمك واللبن ولا يعجبك الأكل والشبع بمعنى لا تغتد بالسمك مع اللبن، ولا يعجبك الأكل مع الشبع، فالنصب في هذين المثالين وأشباههما على المعية يبين مراد المتكلم والعطف لا يبينه (١) فتعين رجحان النصب للسلامة من فوات ما يضر فواته، وضعف العطف إذ هو بخلاف ذلك (٢). انتهى.

وعلى هذا صار لمرجح النصب على العطف ثلاثة أمور وهي: التكلف والموهن والخوف من فوات المعنى المقصود، إلا أنه قد تتوجه المنازعة للمصنف في إدراجه هذه الصورة في قسم ما ترجح نصبه، ويدعى أن العطف فيها ممتنع لإفهامه غير المراد، ويقال: إن هذين المثالين وما أشبههما داخلة في قسم ما يجب نصبه ويكون قد

شملها مفهوم قوله: (ولا مانع) فنقول: كما استفدنا من قوله: (ولا مانع) أن النصب واجب في: لا تنه عن القبيح وإتيانه لوجود مانع يمنع من العطف، هكذا نستفيد منه وجوب النصب في نحو: لا تغتد بالسمك واللبن لوجود المانع من العطف أيضا، ومما يدل على أن النصب واجب في مثل هذا وجوب نصب الفعل بإضمار «أن» في نحو: لا تأكل السمك وتشرب اللبن إذا لم يقصد العطف ولا الاستئناف، وإذ قد انتهى القول في الأقسام الأربعة أعني: ما يجب عطفه وما يجب نصبه وما ترجح عطفه وما ترجح نصبه، وكنت قد عرفت أن القسم الرابع منها وهو ما ترجح نصبه لم يتضمنه كلام ابن عصفور، وأنه ذكر قسما لم يتضمنه كلام المصنف وهو ما يتساوى فيه الأمران أعني العطف والنصب على المعية (٣)، وأنه ينتظم من كلام الرجلين خمسة أقسام، فلنذكر الأقسام المذكورة الآن منتظمة كي يسهل ضبطها على -


(١) ينظر: التذييل (٣/ ٤٧٢)، والمطالع السعيدة (ص ٣٣٦).
(٢) شرح التسهيل للمصنف (٢/ ٢٦١).
(٣) ينظر: المقرب (١/ ١٥٩)، وشرح الجمل لابن عصفور (٢/ ٣٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>