للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال: قليل بها الأصوات، غير بغامها، إذا كانت غير استثناء، قال سيبويه: ومثل ذلك قول الله عز وجل: لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ (١)، يعني في وقوع (غير) صفة لما فيه ألف ولام، فإن رفع كان صفة لـ (القعدون) وإن جرّ كان صفة لـ (المؤمنين.)

قال المصنف (٢): ولا يصحّ جعل (غير) في الآية الكريمة بدلا؛ لأنّه لا يستغنى به عمّا قبله، ومن وصف ذي الألف واللام أيضا بـ (غير) قول لبيد:

١٧٢٥ - وإذا أقرضت قرضا فأجزه ... إنّما يجزي الفتى غير الجمل (٣)

قال السيرافي: وأمّا قول الشّاعر:

١٧٢٦ - قليل بها الأصوات إلّا بغامها (٤)

ففيه وجهان: أحدهما: ما قاله سيبويه، ومقتضاه، أنّه أثبت بها أصواتا قليلة، وجعل: (إلّا بغامها) نعتا للأصوات.

والوجه الثاني: يكون (قليل) بمعنى النّفي، كأنّه قال: ما بها أصوات إلّا -


(١) سورة النساء: ٩٥. قرئ برفع غير ونصبها، وجرها، أما قراءة الرفع فوجهها الأكثرون على أنها صفة القعدون، وأجاز بعض النحويين فيه البدل؛ لأنه بعد نفي، وأما قراءة النصب فهي على الاستثناء من القعدون وهو الأظهر، وقيل: استثناء من المؤمنين، وقيل بنصبه على الحال من القعدون وأما قراءة الجر فعلى أنه صفة لـ المؤمنين.
ينظر: الكتاب (٢/ ٣٣٢، ٣٣٣)، والبحر المحيط (٣/ ٣٣٠، ٣٣١).
(٢) شرح المصنف (٢/ ٣٠١).
(٣) البيت من بحر الرمل، من قصيدة للشاعر لبيد بن ربيعة العامري، في ديوانه (ص ١٧٤)، وفي العجز برواية أخرى: إنما يجزي الفتى ليس الجمل.
اللغة: القرض: ما يعطى من المال، ليتقاضاه صاحبه، والمقصود به هنا: ما سلف من إحسان، أو إساءة. الفتى: السيد اللبيب، والعرب تقول للجاهل: يا جمل، أي إنما يجزي اللبيب من الناس، لا الجاهل، وقيل: الجمل بمعنى الأحمق.
الشاهد فيه: نعت «الفتى» وهو معرفة بـ «غير»، وهو نكرة ومسوغ هذا أن التعريف بالألف واللام يكون للجنس، فلا يخص أحدا بعينه. ينظر: الخزانة (٤/ ٦٨، ٧٢، ٤٧٧)، (٢/ ٢٨)، والعيني (٤/ ١٧٦)، ومجالس ثعلب (ص ٥١٥)، والكتاب (٢/ ٣٣٣)، وشرح الرضي على الكافية (١/ ٢٢٧)، والهمع (١/ ٢٢٩).
(٤) شرح السيرافي (٣/ ١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>