للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بغامها، وهو استثناء، وبدل صحيح، كما يقول: أقل رجل يقول ذلك إلّا زيد (١).

ورّدّ الشّلوبين البدل ههنا، وقال: لا يتصوّر؛ لأنّه يؤول إلى التّفريغ، وهو فاسد. ألا ترى أنّه لم يرد أن يقول: ما بها إلّا بغامها، وكيف يقول ذلك وبها القليل، والراحلة، ورحلها، وغير ذلك، وإنّما أراد ما بها صوت مغاير لبغامها، و (قليل بها الأصوات) في معنى النّفي (٢).

قال المصنف: عند نهاية الكلام على الشروط المعتبرة في الوصف بـ (إلّا) والحاصل أنّ (إلّا) لا يوصف بها مفرد محض، ولا يجوز: جاء الرجال إلّا زيد، على أن يكون (الرجال) معهودين؛ لأنّ معرفتهم حينئذ محضة، فلو قصد الجنس لم يمتنع وصفهم بـ (إلّا)، كما لا يمتنع وصفهم بـ (غير) (٣)، كقوله تعالى:

غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ (٤). انتهى، وبقي عليه أن يذكر مثالا ثالثا، لا يصح فيه الاستثناء، كما ذكر مثال المفرد المحض، والمعرّف تعريفا محضا، إلّا أنّه يكون استغنى عن ذلك بالتمثيل بـ: (قام رجل إلّا زيد)؛ لأنّه لا يصلح للاستثناء منه، لكونه مفردا، وقد تضمن كلام المصنف في الشرح (٥) اشتراط أمور في وقوع (إلّا) مع ما بعدها وصفا:

الأمر الأول: أن يكون الموصوف بها جمعا، أو شبه جمع، كما تقدّم تمثيله، ووافق في ذلك ابن السراج، فإنّه قال: لا تكون (إلّا) وصفا، إلّا بعد جماعة أو واحد في معنى الجماعة (٦)، ولا يظهر من كلام سيبويه اشتراط ذلك، فإنّه مثّل المسألة بقوله: لو كان معنا رجل إلّا زيد لغلبنا (٧)، فجعل (إلّا زيد) وصفا لـ (رجل)، مع أنّه ليس جمعا، ولا شبه

جمع؛ إذ لا عموم له، ولا يمتنع من جهة الدليل وقوع (إلّا) وصفا للمفرد المحض؛ لأنّه إذا ثبت حمل (إلّا) على (غير) في الوصف بها، لم يكن لغير المفرد خصوصة بذلك [٣/ ٥٠] على المفرد، ووقوعها صفة له لا يدفع أصالة (غير) في الوصفية، فإنّ الأصالة قد تتميز بغير ذلك، كما سيأتي. -


(١) الكتاب (٢/ ٣١٤).
(٢) التوطئة.
(٣) شرح المصنف (٢/ ٣٠١).
(٤) سورة النساء: ٩٥.
(٥) الارتشاف (٢/ ٣١٤)، والهمع (١/ ٢٢٩).
(٦) الأصول لابن السراج (١/ ٢٢١).
(٧) الكتاب (٢/ ٣٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>