للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأمر الثاني: أن يكون الجمع المذكور منكّرا، أو معرّفا بأداة جنسيّة، ونقل المصنف عن المبرد أنّه قال: لا يوصف بـ (إلّا) إلّا ما يوصف بـ (مثل) و (غير) وذلك النكرة والمعرفة التي بالألف واللام على غير نحو: ما يحسن بالرجل مثلك أن يفعل ذلك، وقد أمرّ بالرجل غيرك، فيكرمني (١). ونقل الشيخ عن الأخفش قريبا من هذا (٢)، وللنحويين في ذلك اضطراب: فمنهم من قال: لا يوصف بـ «إلّا» وما بعدها، إلّا النكرة خاصة (٣)، ومنهم من زاد المعرّف بالأداة الجنسية، كما هو رأي المصنف (٤)، ومنهم من فصّل فقال: إن كان ما بعد (إلّا) معرفة، جرت على النكرة وعلى المعرفة، وإن كان ما بعدها نكرة، جرت على النكرة، لا المعرفة، ومنهم من أطلق القول في ذلك، فأجاز أن يقع صفة للنكرة والمعرفة، ولم يقيدها بالأداة الجنسية، وهو ظاهر من قول سيبويه، حتّى أنّهم أجازوا أن يقع صفة للضمير أيضا، وأنشد عليه قول الشاعر:

١٧٢٧ - وبالصّريمة منهم منزل خلق ... عاف تغيّر إلّا النؤي والوتد (٥)

فـ (إلّا النّؤي، والوتد) صفة للضمير المستكنّ في (تغيّر)، ومنهم من ادّعى أنّها عطف بيان في هذا البيت؛ لأنّه قد تقرّر أنّ الضّمائر لا تنعت، وقد تقدّم الكلام على هذا البيت، وأنّه من قبيل المفرغ، بتأويل (تغيّر) بـ (لم يبق على حاله) فعلى هذا لا يتعين الوصف بـ (إلّا) فيه.

الأمر الثالث: أن يكون الموصوف بـ (إلّا) مذكورا، غير محذوف، وهذا بخلاف الموصوف بـ (غير) وقد تقدّم أنّ

(غير) لأصالتها اختصت بذلك دون (إلّا)، وبهذا الأمر تتحقق أصالة (غير) في الوصفية، وفرعية (إلّا)، وهو كاف في ذلك، فلا يضرّ جريان (إلّا) مجرى (غير) في كلّ حالاتها، حتّى وصف المفرد بها أيضا، كما تقدّم التنبيه عليه، وهذا الشرط - أعني كون الموصوف بـ (إلّا) مذكورا غير محذوف - لم يخالف فيه أحد، وقال سيبويه: ولا يجوز أن -


(١) المقتضب (٤/ ٤١١).
(٢) التذييل والتكميل (٣/ ٦٠٨)، وينظر: معاني القرآن للأخفش (ص ٨٦).
(٣)،
(٤) ينظر: شرح المصنف (٢/ ٣٠١).
(٥) البيت من الطويل، وقائله الأخطل الشاعر الأموي المشهور، وقد سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>