للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تقول: ما أتاني إلّا زيد، وأنت تريد أن تجعل الكلام بمنزلة (مثل)، وإنّما يجوز ذلك صفة، ونظير ذلك من كلام العرب (أجمعون) لا تجري في الكلام إلا على اسم، ولا يعمل فيه رافع، ولا ناصب، ولا جارّ (١). اه، وكأنّه يعني بقوله: إنمّا يجوز ذلك صفة - أنّها تكون تابعة لمذكور، فإنّه إذا حذف موصوفها صارت بمنزلة (مثل) فجرت مجرى الأسماء، فكأنه قال: لا تجري مجرى الأسماء، إنما تكون صفة ولا يتحقق كونها صفة، إلّا مع ذكر موصوفها.

الأمر الرابع: أن تكون (إلّا) المذكورة، واقعة حيث يصلح الاستثناء، ونصّ على اشتراط ذلك المبرّد (٢)، والأخفش (٣)، وعليه الأكثرون (٤)، حتى قال الشيخ: هذا كالمجمع عليه من النحويين، وعلى ذلك يجوز: عندي درهم إلّا دانق، لجواز: إلّا دانقا، ويمتنع: عندي درهم إلّا جيد، لعدم جواز: إلا جيدا، هكذا مثّلوه، وفي تجويز عندي درهم إلا دانق - على رأي المصنف - نظر؛ لأنّه قد تقدّم عنه أنّ الموصوف بـ (إلّا) لا يكون إلّا جمعا، أو شبه جمع، ولا شك أنّ (درهما) ليس كذلك، وقد يقال: إنّ قولنا: إلّا دانقا (٥) يفيد إرادة الجمعيّة بـ «درهم» المذكور، فهو وإن كان مفردا لكونه واحدا لدرهم جمع، لدلالته على دوانق متعددة، على أنّني لم أقف على هذا المثال، في شرح المصنّف، ثمّ الظاهر من كلام سيبويه أنّ الّذي ذكروه، غير لازم، وذلك أنّه مثّل المسألة بقوله: لو كان معنا رجل إلّا زيد لغلبنا، ولا يصلح في هذا المثال الاستثناء أصلا، وقد تقدّم أيضا أنّ قوله تعالى: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا (٦) لا يتصوّر فيه الاستثناء، لفساد المعنى به، فقد وقعت إِلَّا وصفا، في الآية الكريمة، وفي مثال سيبويه (٧)، والاستثناء غير صالح فيهما، وقد رام -


(١) ينظر: الكتاب (١/ ١٢٥) طبعة بولاق، ومبسوط الأحكام للتبريزي (٣/ ٩٢٤).
(٢) ينظر: المقتضب للمبرد (٤/ ٤٠٩).
(٣) ينظر: معاني القرآن للأخفش (١/ ٢٩٥).
(٤) ينظر: الأصول لابن السراج (١/ ٣٤٩)، وشرح اللمع لابن برهان (١/ ١٥٣).
(٥) الدانق: سدس الدرهم، فارسي معرب، انظر: شرح اللمع لابن برهان (١/ ١٥٣)، والأصول لابن السراج (١/ ٣٤٩)، ومبسوط الأحكام للتبريزي (٣/ ٩٢٤).
(٦) سورة الأنبياء: ٢٢.
(٧) الكتاب (١/ ٣٧٠) طبعة بولاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>