وموصوف. قال المصنّف: وما ذهبا إليه هو الصّحيح؛ لأنّ الموصوف والصفة كشيء واحد، وسيأتي أنّهما كشيء واحد، لا يختلفان بنفي الحكم عن أحدهما وإثباته للآخر كالمتوسط بينهما (إلّا)، ولأنّ الصفة توضح موصوفها، كما توضح الصلة الموصول، وكما يوضح المضاف إليه المضاف، فكما لا تقع (إلّا) بين الموصول، والصّلة ولا بين المضاف والمضاف إليه، كذا لا تقع بين الموصوف والصفة، ولأنّ (إلّا) وما بعدها في حكم جملة مستأنفة، والصفة لا تستأنف، ولا تكون في حكم مستأنف (١). وإذا تقرّر أنّ (إلّا) لا تعترض بين الموصوف والصفة وجب تأويل ما أوهم ذلك؛ فيجعل ما بعد (إلّا) في مثل: ما جاءني رجل إلّا راكب، صفة لموصوف محذوف، بدل من الاسم الذي قبل (إلّا) والتقدير: إلّا رجل راكب، كما تقدّم، وفي مثل: ما جاءني أحد إلّا زيد خير منه تجعل الكلمة التي بعد (إلّا) حالا من الاسم الذي قبلها، وإليهما أشار بقوله: وما أوهم ذلك فحال، أو صفة بدل محذوف، وأشار المصنف أيضا بقوله: خلافا لبعضهم إلى أنّ الزمخشري جعل ما بعد (إلّا) في مثل: ما مررت بأحد إلّا زيد خير منه، جملة ابتدائية، واقعة صفة لـ (أحد)، وقد قلت: إنّ المصنف منع ذلك؛ لأنّ (إلّا) لا تعترض بين الصفة والموصوف، للعلّة التي تقدمت على الخلاف لذلك، وما منعه المصنف فيه نظر، فإنّه قد تقدّم عنه الكلام على الاستثناء المفرغ أنّ التفريغ يكون باعتبار الصفات، كما يكون باعتبار غيرها، وإنّ من ذلك: ما مررت بأحد إلّا زيد خير منه، وكذا:
ما جاءني من أحد إلّا قائم؛ لأنّ الوصف يكون مفردا، ويكون جملة، وحكمها في الصّحّة واحد، وإذا قصد التفريغ باعتبار الوصف تعيّن دخول (إلّا)؛ لأنّ المعنى المقصود بالتفريغ - وهو قصر الموصوف على الصّفة في مثل: ما جاءني رجل إلّا راكب - يفوت لو لم يأت بها، وقد أوضح هذا المعنى سيبويه حيث قال في قولك: ما مررت بأحد إلّا زيد خير منه: كأنك قلت: مررت بقوم زيد خير منهم، إلّا أنك أدخلت (إلّا) لتجعل (زيدا) خيرا من جميع من مررت به، ولو قلت: مررت بناس زيد خير منهم، لجاز أن يكون قد مرّ بناس آخرين هم خير من زيد، فإنّما قال: ما مررت
بأحد إلّا زيد خير منه، ليخبر أنّه لم يمرّ بأحد يفضل -