للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

زيدا (١). انتهى كلام سيبويه. والظاهر منه أنّ الجملة الواقعة بعد (إلّا) في قولك:

ما مررت بأحد إلّا زيد خير منه، صفة لـ «أحد»، وأنّ «إلّا» دخلت بين الموصوف والصفة، لتقيد المعنى الذي أشار إليه، فهي ملغاة لفظا، معتبرة معنى، وإذا [٣/ ٥٢] تقرّر هذا بعد المنع الذي أشار إليه المصنف إلّا أن يمنع التفريغ باعتبار الصفات، ولما منع المصنف كون الجملة المشار إليها وصفا، جعلها حالية كما تقدّم، وجعلها حالا لا يمتنع، ويكون ما قبل (إلّا) مفرغا لما بعدها، باعتبار الأحوال، نحو: وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ (٢)، وقد تقدّم.

وطرد الزمخشريّ الحكم المتقدم، فجعل: وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ (٣) - من قوله تعالى: وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ (٤) جملة واقعة صفة لـ قَرْيَةٍ وسطت الواو بينهما لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف، كما يقال - في الحال -: جاءني زيد عليه ثوب، وجاءني زيد وعليه ثوب (٥)، وردّ ذلك المصنف بأوجه خمسة (٦):

منها: أنّه قاس في ذلك الصفة على الحال، وبين الصفة والحال فروق كثيرة، كجواز تقدّمها على صاحبها، وجواز تخالفها بالإعراب، وجواز تخالفها بالتعريف، والتنكير، وجواز إغناء الواو عن الضّمير في الجملة الحالية، وامتناع ذلك في الواقعة نعتا، فكما بينت المخالفة بينهما في هذه الأشياء سبب المخالفة في الاقتران بالواو، جاز في الحاليّة وامتنع في الواقعة نعتا.

ومنها: أنّ مذهبه - في هذه المسألة - مذهب لا يعرف لبصري ولا لكوفي.

ومنها: أنّه تعلل بما لا يناسب؛ وذلك أنّ الواو تدلّ على الجمع بين ما قبلها، وما بعدها، وذلك مستلزم لتغايرهما، وهو ضدّ لما يراد من التّوكيد.

ومن الأحكام المتعلقة بـ (إلّا) وقوع الفعل بعدها: فاعلم أنّ (إلّا) إنّما هي - أبدا - للاستثناء لفظا أو معنى، ولما كان الذي يتصوّر استثناؤه إنّما هو الاسم، -


(١) الكتاب (٢/ ٣٤٢) هارون.
(٢) سورة الأنفال: ١٦.
(٣) سورة الحجر: ٤.
(٤) المرجع السابق، الصفحة نفسها.
(٥) ينظر: شرح المفصل (١/ ٣٩)، والكشاف (٢/ ٤٤٤).
(٦) شرح المصنف (٢/ ٣٠٢)، والتذييل والتكميل (٣/ ٦١٨)، وفي الشرحين بقية الأوجه الخمسة.

<<  <  ج: ص:  >  >>