للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

من المستثنى منه بعد إخراج المستثنى، ويرجّح دعوى كون فاعل هذه الأفعال ضميرا لبعض، على دعوى كونه ظاهرا محذوفا؛ لأنّ فاعليته متحققة والفاعل لا يحذف.

القول الثّاني: أنّ الفاعل ضمير، كما هو في أحد التقديرين في القول الأوّل، إلّا أنّه لا يعود على البعض وإنّما يعود على (من) المفهوم من معنى الكلام المتقدّم، فتقدير «قام القوم عدا زيدا»: عدا هو زيدا، أي: عدا من قام زيدا وهو رأي المبرّد (١).

القول الثالث: للمصنّف: (الذي) (٢) ذكره في الشرح أنّ الفاعل مصدر ما عمل في المستثنى منه، فتقدير: قاموا عدا زيدا، جاوز قيامهم زيدا، ولم يقدره المصنف ضمير المصدر، بل جعل فاعل المصدر الظاهر محذوفا على طريقته التي عرفتها. قال المصنف: وتقدير: عدا قيامهم زيدا أجود من تقدير: عدا بعضهم زيدا؛ لأنّه لا يستقيم إلّا أن يراد بالبعض ما سوى زيد، وهذا - وإن صحّ إطلاق البعض على الكلّ إلّا واحدا، لا يحسن، لقلته في الاستعمال (٣). انتهى.

وللعلّة التي أشار إليها المصنف جنح المبرد إلى القول الذي تقدم نقله عنه.

قال الشيخ: وهذا الذي ذهب إليه - يعني المصنف - لا يطرأ له، فإنّ من صور الاستثناء ألّا يتقدم فعل، ولا ما يجري مجرى الفعل، نحو: القوم إخوتك عدا زيدا، والقوم قرشيّون، ما خلا زيدا، وهنا لا يمكن أن تقدر: جاوز فعلهم زيدا؛ لأنّه لم ينسب إليهم فعل (٤). اه. وفيه نظر، ونقل الشيخ أنّ الفراء ذهب إلى أنّ (حاشا) فعل ولا فاعل له (٥)، ثم قال الشيخ: ويمكن القول في (عدا) و (خلا) كذلك. وأنّ النصب بعدهما إنّما هو بالحمل على (إلّا) والتزم فيه النصب (٦)؛ لأنّه لم يتمحص للحرفية، والفروع يقتصر فيها على بعض الأحكام ولا ينكر أن يعرى الفعل من الفاعل إلّا إذا استعمل استعمال الحروف كما أنّ (قلّما) لما استعملت للنفي -


- المباني للمالقي (ص ٣٦٦).
(١) الذي قاله المبرد في المقتضب (٤/ ٤٢٦): «وأما عدا وخلا فهما فعلان ينتصب ما بعدهما وذلك قولك: جاءني القوم: عدا زيدا؛ لأنه لما قال: جاء القوم وقع عند السامع أن بعضهم (زيدا) فيقال:
عدا زيدا أي: جاوز بعضهم زيدا فهذا تقديره إلا أنّ (عدا) فيها معنى الاستثناء. اه.
(٢) ما بين القوسين من الهامش، وعدم إثباته أولى.
(٣) شرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٣١١).
(٤) التذييل والتكميل (٣/ ٦٣٥).
(٥) ينظر: المرجع السابق الصفحة نفسها، وشرح الكافية لابن القواس (ص ٣٩٨)، الهمع (١/ ٢٣٣).
(٦) أي حين تكون أفعالا.

<<  <  ج: ص:  >  >>