للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وإذا لم تستعمل إلّا منصوبة فهو المراد من كونها غير متصرّفة، و (سوى) مثلها، ولا قائل بالفرق، ثمّ قال: وبيان الظرفية فيها هو: أنّ العرب تجري الظّروف المعنويّة المقدّرة، مجرى الظّروف الحقيقيّة، فيقولون: فلان مكان فلان ولا يعنون إلّا منزلة في الذّهن مقدرة، فنصبوه نصب الظّروف الحقيقية، فكذلك إذا قالوا: مررت برجل سواك، وسوائك، إنّما يعنون مكانك، وعوضا منك، من حيث المعنى، فانتصب ذلك الانتصاب، ثمّ ذكر مستند المخالف فقال: وأما حجّة من قال: إنها بمعنى (غير)، يعتورها الإعراب على اختلاف وجوهه فالنقل والمعنى، أما المعنى

فقولهم: مررت برجل سواك، كقولهم: مررت برجل غيرك، وأما النقل فقول الشاعر:

١٧٦٥ - ولم يبق سوى العدوا ... ن دنّاهم كما دانوا (١)

وبقولك: ما ضربت سواك، وما جاءني سواك، والجواب ما ذكرناه، من أنّ (سوى) لم يستعمل إلّا منصوبا، ومجيئه غير منصوب شاذّ، ولا قائل بالفرق بينه وبين (سوى)، وأما ما ذكروه من المعنى فمردود؛ لأنه يؤدي إلى رفع (سوى) ولم يستعمل فردّه إلى الظرف أولى، ليوافق كلام العرب، وإن كان مخالفا للظاهر، وأما في البيت، وغيره من الكلام، فهو صفة لموصوف محذوف، وذلك المحذوف هو الّذي دخل عليه العامل (٢).

انتهى كلام ابن الحاجب، وقد وضح تجاوب الطرفين في هذه المسألة.

والّذي يقتضيه الإنصاف: الحكم بظرفيته، لصحّة وقوعه وحده صلة، في قولهم: جاءني الذي سواك، وما ذكره المصنّف، من أنّه يقدر له مبتدأ محذوف، أو غيره خلاف الأصل، وعدم الحكم بلزوم الظرفيّة، لما تقدّم من الشواهد الدّالة -


- ويروى: «عن جو اليمامة»، و «عن جلّ اليمامة» وتجانف أصله: تتجانف، ومعناه: تنحرف.
ومعنى البيت: أنه لم يقصد سواه من أهل اليمامة.
والشاهد: في قوله: «لسوائكا»؛ حيث جرّت «سوى» باللام، وخرجه سيبويه على أنه ضرورة شعرية.
ينظر: ديوان الأعشى (ص ٥٨٩)، والكتاب (١/ ٣٢، ٤٠٨)، والمقتضب (٤/ ٣٤٩)، والإنصاف (ص ١٦٧)، وشرح المفصل (٢/ ٤٤، ٨٤)، والهمع (١/ ٢٠٢)، والدرر (١/ ١٦١).
(١) سبق تخريجه قريبا. والشاهد فيه - هنا - كون (سوى) بمعنى (غير) يعتورها الإعراب، على اختلاف وجوهه.
(٢) ينظر: شرح المفصل لابن الحاجب (١/ ٣١٩ - ٣٢١) تحقيق موسى العليلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>