للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأما في هذا التركيب فليس بصحيح، بل مسافة خلف دارك هي الفرسخ.

وأما الثاني: فقال: لا أسلم أنّ (امتلأ) لا يطلب (ماء) بل هو طالب له من حيث إنّ المطاوع دالّ على العامل وهو طالب له من حيث المعنى، وإن لم يصح إسناده إليه. انتهى (١).

وأشار المصنف بقوله: يقدّر غالبا إسناده إليه ... إلى آخره - إلى أنّ الأكثر أن يصلح مميّز الجملة لإسناد الفعل إليه مضافا إلى المجعول فاعلا كقولك: «طابت نفسي، واشتعل شيب رأسي»، ومنه: وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً (٢). لأنّ الأصل: وسع علمه كل شيء، ومن هذا النوع قول الشاعر:

١٩٠٢ - تلفّتّ نحو الحيّ حتّى وجدتني ... وجعت من الإصغاء ليتا وأخدعا (٣)

وهذا هو التمييز المحوّل، وهو الذي تعنيه النحاة بقولهم: مميّز الجملة يكون منقولا من فاعل.

واحترز المصنف بقوله: غالبا إلى أنّ مميز الجملة قد ينسلب عنه هذا الوصف الذي ذكره، وذلك بألّا يصح إسناد الفعل إليه، وإذا لم يصح إسناد الفعل إليه فقد يصح وقوعه عليه مضافا إلى المجعول مفعولا كقوله تعالى: وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ [٣/ ٩٥] عُيُوناً (٤). قال المصنف: فإن أصله - على الأصح -: وفجرنا عيون الأرض. وقد لا يصح وقوع الفعل عليه كما لم يصح إسناده إليه، نحو: «امتلأ الكوز ماء»، ونحو قوله تعالى: وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً * (٥). فأفاد كلام المصنف أنّ مميّز الجملة على ثلاثة أقسام، منه ما هو منقول من الفاعل وهو الغالب، ومنه ما هو منقول من المفعول، ومنه ما ليس بمنقول من أحدهما، لا بمعنى أنه منقول من شيء آخر غيرهما؛ بل بمعنى أنه لا يصح فيه

أن يكون منقولا.

فأمّا كون التمييز منقولا من الفاعل فمجمع عليه، وأمّا كونه منقولا من المفعول -


(١) ينظر: التذييل (٤/ ٧٩).
(٢) سورة طه: ٩٨.
(٣) البيت من الطويل، وقائله الصمّة بن عبد الله القشيري، وينظر في: حماسة أبي تمام (٢/ ٥٦)، وشرح المصنف (٢/ ٣٨٣)، والصحاح واللسان «وجع».
والليت: صفحة العنق، والأخدع: عرق في العنق.
(٤) سورة القمر: ١٢.
(٥) سورة النساء: ٧٩، ١٦٦. وينظر: شرح المصنف (٢/ ٣٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>