للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فعليه أكثر المتأخرين، وقد أنكر ذلك الآمدي، وقال: لم يذكره النحويون، وأوّل كلام الجزولي على أن يكون مراده أنّه منقول من المفعول الذي لم يسمّ فاعله، نحو «ضرب زيد ظهرا وبطنا، وفجّرت الأرض عيونا» (١) ووافق هذا رأي الشلوبين، فإنه لم ينصب (عيونا) على التمييز، بل جعل نصبها على الحال، قال: وهي حال مقدّرة (٢)، ونازعه ابن الضائع في كونها مقدّرة، وقال: إنّ التفجير، وكونها عيونا - مثلا - زمان ليس أحدهما قبل الآخر، ولكن (عيونا) ليس بمشتق فيحتاج إلى تأويله بما هو مشتق (٣). وجعل ابن أبي الربيع (عيونا) بدلا من (الأرض)، أي: عيونها، وحذف الضمير، وجوّز أن يكون نصبها على إسقاط حرف الجرّ أيضا، والأصل: وفجرنا الأرض بعيون (٤).

ولا يخفى ما في تخريجي الشلوبين وابن أبي الربيع من التكلف الذي لا داعي إليه، والقول بأنّه تمييز منقول من المفعول أسهل من ذلك مع أنّه لا محذور فيه ولا مانع يمنع منه.

وأمّا نحو: «امتلأ الكوز ماء» ومثله «تفقأ زيد شحما» فليس ثمّ خلاف في أنّ المنصوب فيه تمييز؛ لأنّ العرب ألزمت فيه التنكير والتأخير، وقد عرفت أنّ التمييز فيه لا يصلح أن يكون منقولا من فاعل ولا مفعول، فيكون التمييز في مثله مشبّها بالمنقول في أنّه وقع بعد كلام مبهم النسبة فأزال إبهامها، على أنّ منهم (٥) من جعل التمييز في ذلك من قسم المنقول أيضا وذلك بأن جعله فاعلا لفعل يطاوعه (امتلأ) وهو (ملأ) ولفعل يطاوعه (تفقّأ) وهو غير ظاهر، فإنّ المراد من قول النحاة: تمييز محول من الفاعل؛ أنّه يصح تقدير كونه فاعلا للفعل الذي نصبه تمييزا،

و «امتلأ الكوز ماء» ليس كذلك، وأيضا فإنّه لا بدّ مع تقديره فاعلا أن يقدّر مضافا إلى الاسم الذي يصير فاعلا آخر الأمر، وأنت لو قلت: «ملأ ماء الكوز» لم يكن صحيحا. -


(١) ينظر: التذييل (٤/ ٨١)، والارتشاف (٢/ ٣٧٨).
(٢) ينظر: في المرجعين السابقين. وكلام أبي علي الشلوبين في شرح الجزولية الكبير (٣/ ١٠٠٧) موافق لما عليه ابن مالك.
(٣) ينظر في: التذييل (٤/ ٨٢)، وشرح الجمل لابن الضائع (٦٧ / ب) مخطوط رقم (١٩ نحو).
(٤) التذييل (٤/ ٨٣ - ٨٥)، والارتشاف (٢/ ٣٧٨).
(٥) هو أبو حيان في التذييل (٤/ ٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>