للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والظاهر أن التمييز في نحو: وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً * (١) من التمييز المشبّه بالمنقول؛ إذ لا يتصور فيه النقل، والذي يدل على أنّ المنصوب في هذا المذهب مميّز جواز دخول (من) عليه. وقد جعله بعضهم من المنتصب عن تمام الاسم، كالمنتصب في «لله درّه شجاعا، وحسبك به فارسا، وويحه رجلا» يعني أنّ هذه الكلمات مشبّهة بالمقادير، فانتصب التمييز بعدها كما ينتصب بعد المقادير (٢)، وقد تقدّم لنا البحث في نحو: «لله درّه فارسا» وتقدير ابن الحاجب فيه أنه من مميز الجملة، وتقدّم بحث ابن الدّهان في ذلك أيضا، ولا يخفى أنّ الحكم بأنّ التمييز في نحو:

وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً * شبيه بتمييز الأعداد والمقادير، بعيد جدّا فلا ينبغي التعويل عليه.

واعلم أنّ في تقسيم التمييز المنتصب عن تمام الكلام طريقة أخرى، وهو أنه ثلاثة أقسام: منقول، ومشبه بالمنقول، وما ليس بمنقول ولا مشبّه به. فالمنقول: إمّا من فاعل، أو من مفعول، أو من مبتدأ، نحو: «طاب زيد نفسا»، وفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً (٣)، و «زيد أحسن وجها منك» فإنّ أصله: وجه زيد أحسن من وجهك، وإذا اختصرت قلت: منقول من مضاف، فإنه يشمل الثلاثة؛ إذ الأصل في المثالين الأولين أيضا: طابت نفس زيد، وفجرنا عيون الأرض.

والمشبّه بالمنقول: نحو: «امتلأ الإناء ماء» وقد عرفت وجه كونه مشبّها.

والذي ليس بمنقول ولا مشبّه به: نحو: «حبّذا رجلا زيد» وأدرج ابن الضائع «حبّذا رجلا» في المشبّه بالمنقول (٤) وهو الأقرب فعلى هذا لا تكون الأقسام ثلاثة، بل إنّما يكون معنا قسمان لا غير. وقد أدرجوا في المشبّه بالمنقول نحو: «نعم رجلا زيد» وكون التمييز في «نعم رجلا زيد» منتصبا عن تمام الكلام نظر.

والظاهر أنه لم يميّز نسبة، إنّما ميز الضمير المبهم المرفوع بـ «نعم» فهو على هذا مميز مفرد، فيكون منتصبا عن

تمام الاسم، ويعضد هذا الذي ذكرته قول ابن الضائع: والظاهر من كلام سيبويه أنّ التمييز في «نعم رجلا» ونحوه أشبه بالمقادير. وقول ابن عصفور أنّه أشبه بالمنقول ليس كذلك، بل هو كـ «ويحه رجلا» -


(١) سورة النساء: ٧٩، ١٦٦، وسورة الفتح: ٢٨.
(٢) ينظر في: التذييل (٤/ ٨٦).
(٣) القمر: ١٢.
(٤) ينظر: التذييل (٤/ ٩٠)، وشرح الجمل لابن الضائع (١٤٦ / أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>