للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

هذا بنى ابن عصفور منع تقديم المميز على الجملة.

وأما المصنف: فالعامل عنده في المميز المذكور إنّما هو الفعل، وإنما لم يعد من العوامل ما حمل على الفعل في العمل من مصدر أو صفة أو اسم فعل؛ لأنّ مميز الجملة عنده منحصر في ما كان بعد جملة فعلية كما علمت، وقد تبيّن أنّ الأمر بخلاف ذلك، وأنّ المصدر والوصف واسم الفعل كالفعل في العمل في التمييز، وإذا كان كذلك وكان العامل في التمييز وصفا مشاركا للفعل المتصرف في الاشتقاق من المصدر، فالذي يجيز التقديم على العامل إذا كان فعلا متصرفا يلزمه أن يجيز التقديم على الوصف، وذلك نحو: «زيد نفسا طيّب، وعمرو غضبا ممتلئ». نعم إذا كان الوصف أفعل التفضيل لا يجوز التقديم عليه، فلا يقال: «زيد وجها أحسن منك»؛ لأنّ أفعل التفضيل ليس كامل الشبه بالفعل المتصرف فانحطت رتبته عن اسم الفاعل، وأمّا المنصوب في نحو: «زيد حسن وجها» فينبغي أن يقال فيه: إن كان نصب «وجها» على التشبيه بالمفعول به امتنع تقديمه على العامل؛ لأنّ معمول الصفة المشبهة لا يتقدّم عليها، وإن كان نصبه على التمييز جاز تقديمه عليه، لأنّه مميز نسبة والصفة العاملة فيه متصرفة، وليست مشبهة الآن فلا يمتنع التقديم عليها، وعبارة المصنف تقتضي منع التقديم على الوصف مطلقا لقوله: ويمتنع إن لم يكنه بإجماع يعني إن لم يكن العامل فعلا متصرفا.

ثم اعلم أنّ في عبارة المصنف حيث قال: ولا يمتنع تقديم التّمييز على عامله إشعارا بأنّ الخلاف في جواز التقديم إنما هو حيث يتقدم على العامل، فعلى هذا إذا توسط بين العامل والمعمول ينبغي ألّا يجيء هذا الخلاف نحو: «طاب نفسا زيد، وكرم أصلا عمرو، وحسن وجها عمر». قال الشيخ (١): ولا نعلم خلافا في جواز ذلك، قال زفر بن الحارث (٢):

١٩١٨ - فلو نبش المقابر عن عمير ... فيخبر عن بلاء أبي هذيل

نطاعن عنهم الأقران حتّى ... جرى منهم دما مرج الكحيل (٣)

-


(١) انظر: التذييل والتكميل (٤/ ١١٢).
(٢) هو زفر بن الحارث الكلابي من بني عمرو بن كلاب، وكان زفر كبير قيس في زمانه وفي الطبقة الأولى من التابعين. جمهرة أنساب العرب (ص ٢٨٦).
(٣) البيتان من بحر الوافر من قصيدة لزفر بن الحارث مفتخرا بانتصار قيس على تغلب مطلعها: -

<<  <  ج: ص:  >  >>