للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لا يقال: الذي يدلّ على أنّ (أحد) في هذه الآية الشريفة بمعنى (قوم) مجيء المخبر عنه جمعا؛ لأنّا نقول: لمّا كان (أحد) دالّا على العموم كان جمعا في المعنى، فجاز مجيء خبره جمعا، بهذا الاعتبار، ويؤيد ذلك قوله تعالى:

لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ (١)؛ لأنّ (بين) لا تضاف إلّا إلى متعدّد، فلولا ملاحظة تعدّده معنى لم يجز إضافة (بين) إليه.

وكذلك تقول في الآية الشريفة التي هي: يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ (٢) [٣/ ٧٠] إنّ (أحدا) - فيها - المراد به العموم، لوقوعه في سياق النّفي، والمعنى: ليست واحدة منكنّ كأحد من النساء، وليس المعنى لستنّ كنسوة، إذ لا فائدة في الإخبار بذلك، والمراد إنما هو تفضيل نساء النبيّ صلّى الله عليه وسلّم - لشرفهنّ - على كلّ من النساء، وغيرهنّ.

وأمّا قول أبي عبيدة: «أحد خير؟» فإمّا أن يكون المراد بهذا الاستفهام النفي، وهو الظاهر، فأحد للعموم، كما هي في الآيتين الشريفتين المذكورتين (٣).

وإما أن يكون الاستفهام هو المراد، فلا يكون (أحد) للعموم، ويتعين أن يكون (أحد) هو المستعمل في العدد،

وحينئذ يتعين أن يكون المراد: هل قوم من الأقوام خير منّا؟ لأنّ القطع حاصل بأنّه لا يجوز أن يكون التقدير: هل واحد من الناس خير منّا؟ إذ ذلك غير مراد جزما.

وقد نازع الشيخ المصنّف فيما ادّعاه، وقال: إنّ الذي ادّعاه ليس بصحيح (٤) وأجاب عما استشهد به بما توقّف عليه من كلامه. -


(١) سورة البقرة: ٢٨٥، وفي البحر المحيط (٢/ ٣٦٥): «أحد هو المختص بالنفي وما أشبهه فهو للعموم، والمعنى: بين آحادهم، وإن كان (أحد) بمعنى واحد ففي الكلام معطوف محذوف، دل عليه (بين) والتقدير: بين واحد من رسله، وواحد منهم.
(٢) سورة الأحزاب: ٣٢.
(٣) أي قوله تعالى: لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ [البقرة: ٢٨٥]. وقوله تعالى: يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ [الأحزاب: ٣٢].
(٤) ينظر: التذييل والتكميل (٤/ ٢٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>