للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أراد: لم تنطق شفتاه، فأقام الألف واللّام مقام الضّمير.

ومثال استعمال (شفر) في جملة خالية من نفي قول الشاعر:

١٩٤٧ - فو الله لا تنفكّ منّا عداوة ... ولا منهم ما دام من نسلنا شفر (١)

انتهى كلامه. وظاهره يعطي أنّ (أحدا) هذه - أعني التي تستعمل بعد النفي لإرادة العموم - هي (أحد) التي تقدّم ذكرها - أعني المستعملة في العدد - والمشهور المعروف أنّهما غيران، فالهمزة أصلية في هذه، وبدل من الواو في

تلك، والأولى دالة على الانفراد، وهذه دالة على العموم، وهذه يشترط في استعمالها أن يتقدمها نفي، أو شبهه، والأولى بخلاف ذلك، والظّاهر أنّ الحقّ أنّهما غيران (٢) [٣/ ٧١] وأما استدلال المبرّد على أنّ (أحدا) هذه تستعمل في الإيجاب بأن تقول:

جاء كل أحد، فلا يخفى أنّ (أحدا) - في هذا المثال - المراد بها (واحد) والعموم إنّما استفيد من (كلّ) كما يستفاد منها في مثل: كلّ إنسان حيوان.


- المهلب، وفي الليل أدرك ذئب ركابه، وكانت له معه قصة.
والبيت في ديوانه (٢/ ٣٣٠) ط. صادر بيروت ورواية الديوان:
ولو سئلت عني النوار وقومها ... إذن لم توار الناجذ الشفتان
وعلى رواية الديوان هذه لا شاهد فيه؛ لأن موطن الشاهد: «إذن أحد لم تنطق الشفتان»، واستشهد به على إيقاع (أحد) في الإيجاب المؤول بالنفي، فأوقع (أحدا) قبل النفي؛ لأنه بعده بالتأويل، كأنه قال: إذن لم ينطق منهم أحد، أو ذلك على أنه أراد: لم تنطق شفتاه، فحذف الضمير - الهاء - وأقام الألف واللام مكانها، وفي التذييل والتكميل (٤/ ٢٥٢): «وهو منزع كوفي، وأما تخريجه على مذهب البصريين فتقول: حذف الضمير منه، وتقديره: لم تنطق الشفتان منه». اه.
وينظر الشاهد أيضا في: شرح المصنف (٢/ ٤٠٧)، وشواهد التوضيح والتصحيح لابن مالك (ص ٢١٦)، والتذييل والتكميل (٤/ ٢٥٣).
(١) البيت من الطويل، وهو لأبي طالب بن عبد المطّلب، شيخ الأباطح، وعمّ النبي صلّى الله عليه وسلّم، والبيت في ديوانه (ص ٢٣) طبعة. العراق (١٣٥٦ هـ) جمعه: أبو هفان عبد الله بن أحمد المهزمي.
والشاهد: في قوله: (شفر) فقد استعملها في جملة خالية من نفي.
ينظر الشاهد في: شرح المصنف (٢/ ٤٠٦)، والتذييل والتكميل (٤/ ٢٥٤).
(٢) قال أبو حيان في التذييل والتكميل (٤/ ٢٤٦): «(أحد) هذا يعني الذي يستعمل بعد النفي لإرادة العموم، هو الذي ذكره النحاة أنّ مادته همزة وحاء ودال، وليس مشتقّا من الوحدة، وهو مخالف لـ (أحد) بمعنى واحد، مادة، ومعنى، واستعمالا».

<<  <  ج: ص:  >  >>