للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جرّ، فلا يدخل (من) على التمييز حينئذ؛ لأنّ الحرف الداخل على (كم) جعل عوضا من (من) فلا يجمع بينهما (١). انتهى وهذا أيضا من الأمور التي لا تخفى.

الرّابعة:

قال: (كم) لفظها مفرد ومعناها الجمع، واللفظ يتبع تمييزها في التذكير والتأنيث، تقول: كم رجل لقيته، وكم امرأة رأيتها، قال تعالى: وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها (٢) ويتبع المعنى فيكون العائد جمعا، فيقال: كم رجل رأيتهم، وكم امرأة رأيتهنّ، وقال تعالى: وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً (٣)، ومتى كان التمييز جمعا - وذلك في الخبريّة - تعيّن أن يكون الضمير العائد ضمير جمع، كقوله:

١٩٧٣ - كم ملوك باد ملكهم ... ... (٤)

ولا يجوز أن يعود مفردا. انتهى. وقد ذكر المصنف هذه المسألة - أعني أنّ (كم) لها لفظ ولها معنى - في باب الموصول. -


(١) عبارة التذييل والتكميل (٤/ ٣٩١): «... فلا يجوز أن تدخل على تمييزها (من)؛ لأن ذلك الحرف جعل عوضا من (من) فلا يجتمعان». اه.
(٢) سورة الأعراف: ٤.
(٣) سورة النجم: ٢٦. وفي المرجع السابق الصفحة نفسها: «والحمل على اللفظ هو الأقيس؛ لأن الضمير والمظهر من قبيل الألفاظ». اه.
(٤) البيت لعدي بن زيد العبادي، وهو من المديد.
ينظر: ديوانه (ص ١٣١) تحقيق محمد عبد الجبار المعيبيد طبعة بغداد سنة (١٩٦٥ م) لكن روايته في الديوان:
كم ملوك بار ملكهم ... ونعيم سوقه بارا
وهو في حاشية مجاز القرآن لأبي عبيدة (٢/ ١٥٣) منسوب إلى عدي بن زيد العبادي وبنفس رواية الديوان.
وقال العيني: لم أقف على اسم قائله.
اللغة: باد: هلك، ونعيم: - بالجر - عطفا على ملوك، تقديره: وكم نعيم سوقه، والمعنى: كثير من الملوك هلك ملكهم، وكم من نعيم بار سوقه.
والشاهد فيه: قوله: «كم ملوك باد ملكهم»؛ حيث إنّ تمييز (كم) الخبرية هنا جمع، ولذلك كان الضمير العائد ضمير جمع، وهو (هم) في (ملكهم)، وهذا باعتبار معنى (كم)؛ لأن معناها الجمع، وإن كان لفظها مفردا، ولا خلاف في جواز هذا وحسنه وكثرته.
ينظر الشاهد في: العيني (٤/ ٤٩٥)، والتذييل والتكميل (٤/ ٣٥٨، ٣٩١)، والشرح الكبير لابن عصفور (٢/ ٣٣)، والأشموني (٤/ ٨٠)، والهمع (١/ ٢٥٤)، والدرر (١/ ٢١١)، وشرح الألفية للمرادي (٤/ ٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>