للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إلى ضميرين، حذف مفسراهما و (عبد الله) مبتدأ، و (أنا) و (خالد) بدلان، ومن هذا النوع - أيضا - قول سهل بن حنيف (١) رضي الله عنه: «شهدت صفين، وبئست صفون» (٢)، وأما ما روي من قول بعضهم: نعم زيد رجلا، فيحمل على أنّ الأصل فيه: نعم رجلا زيد، على أنّ الفاعل مضمر، و (رجلا) مفسره و (زيد) مبتدأ خبره (نعم) وفاعلها، وليس فيه شذوذ، إلّا أن يكون التمييز مسبوقا بالمبتدأ، فيكون في ذلك نظير قول الشاعر:

٢٠٠٤ - والتّغلبيّون بئس الفحل فحلهم ... فحلا وأمّهم زلّاء منطيق (٣)

وهذه توجيهات أعنت عليها، ولم أسبق إليها، والحمد لله ربّ العالمين (٤).

والحاصل: أنّ فاعل (نعم وبئس) لا يكون إلّا ظاهرا معرفا بـ (أل) أو مضافا إليه، أو إلى مضاف إليه، أو نكرة مضافة، أو مفردة، أو موصولا، أو مضافا إليه، أو ضميرا مفسرا بتمييز، موجود أو مقدّر، ولا يكون غير ذلك إلّا ما ندر من نحو: مررت بقوم نعموا رجالا، ومن قال: نعم هم، فمراده نعموا، ولكن زاد ياء الجرّ في الفاعل، كما زيدت في: وَكَفى بِاللَّهِ (٥) ومنع سيبويه الجمع -


(١) هو الصحابي الجليل سهل بن حنيف بن واهب الأوسي الأنصاري، شهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، توفي بالكوفة، وصلى عليه عليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه، وحديثه يوم صفين مشهور توفي سنة (٣٨ هـ) تنظر ترجمته في: تهذيب الأسماء، والكتاب (ص ٢٣٧).
(٢) وهذا الأثر في النهاية لابن الأثير (٢/ ٢٦٨) هكذا: في حديث أبي وائل: «شهدت صفين، وبئست الصفون» وهو كذلك في شرح الرضي (٢/ ٣١٧) وبئست الصفون.
(٣) هذا البيت من البسيط، وقائله جرير، يهجو الأخطل التغلبي.
اللغة: التغلبيون: جمع تغلبي نسبة إلى بني تغلب قوم من النصارى العرب، بقرب الروم، والأخطل منهم، زلاء: - بفتح الزّاي، وتشديد اللام ممدودة - هي لا صقة العجز خفيفة الإلية، منطيق - بكسر الميم - صيغة مبالغة، يستوي فيها المذكر والمؤنث، وهو البليغ، والمراد هنا: المرأة التي تأتزر - بحشية، تعظم بها عجيزتها.
والشاهد في هذا البيت: «بئس الفحل .. فحلا»؛ حيث جمع بين الفاعل الظاهر والتمييز، للتأكيد، وقيل: هو حال مؤكدة. ينظر الشاهد في: ديوان جرير (١/ ١٩٢)، ومنهج السالك (ص ٣٩٣)، والمقاصد النحوية (٤/ ٧)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص ١٨٣)، والأشموني (٣/ ٣٤)، والهمع (٢/ ٨٦)، والدرر (٢/ ١١٢).
(٤) انظر: شرح التسهيل لابن مالك (٣/ ١٤).
(٥) هذا جزء من آيات كثيرة في القرآن الكريم منها سورة النساء: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>