للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فالجواب عنه أنّه يقال: نعم التمييز يمتنع في كلّ ما لا إبهام [٣/ ١٠١] فيه ولا دليل في الآيات الشريفة (١) على ما ذكره؛ لأنّ أسماء العدد مبهمة في أصل وضعها، فهي محتاجة إلى التمييز من الأصل، فإذا انطوى الكلام الذي هي فيه على ما يدلّ على المراد بها، ثم ذكر التمييز كان ذكره بعدها منصرفا إلى التأكيد، لكنها لوضعها مبهمة، واحتياجها إليه في الأصل لم يستنكر ذكره معها؛ لأنّ استغناءها عن التمييز إنّما هو لأمر عارض، فلا يمتنع ذكر ما يستحق بالأصالة، من أجل ذلك العارض، وقد وقفت في كلام الشيخ على شيء من هذا المعنى (٢)، وكان ذلك قد وقع في خاطري قبل الوقوف عليه، فمن أجل هذا لم أنسبه إلى الشيخ أولا، وأمّا الأبيات التي استشهد بها المصنف فليس فيها دليل، أمّا: «بئس الفحل فحلهم فحلا» (٣) و «نعم الزاد زاد أبيك زادا» (٤)؛ فقال ابن عصفور (٥):

إنّ (فحلا) حال مؤكدة، وساغ ذلك؛ لأنّ (فحلا) فيه معنى الاشتقاق، والعامل فيها (نعم) ولا ينكر إعمال (نعم) و (بئس) في الحال، كما أنهما قد يعملان في المجرور، ومن ذلك قوله تعالى: بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (٦). قال:

و (زادا) معمول لـ (تزود)، ويحتمل هذا التأويل بأمرين:

أحدهما: أن يكون مصدرا له، على حذف الزوائد، وقد حكى الفراء استعمال (الزّاد) مصدرا، وعلى هذا تكون (مثل) مفعولا لـ (تزود).

الثاني: أن تكون مفعولا به لـ (تزود)، ويكون (مثل) - إذ ذاك - منصوبا على الحال، من (زاد)؛ لأن صفة النكرة إذا قدّمت عليها انتصبت على الحال.

قال: ويحتمل أيضا وجهين آخرين:

أحدهما: أن يكون تمييزا، فيكون من قبيل التمييز الآتي بعد تمام الاسم، نحو: لي -


(١) هذه الآيات هي: قوله تعالى: وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا [الأعراف: ١٥٥]، وقوله تعالى:
فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً [الأعراف: ١٤٢]، وقوله تعالى: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً [التوبة: ٣٦].
(٢) ينظر: التذييل والتكميل (٤/ ٥٠٧، ٥٠٨).
(٣)،
(٤) جزأن من بيتين شعريين سبق تحقيقهما قريبا.
(٥) ينظر: شرح الجمل الصغير لابن عصفور ورقة (٤٧).
(٦) سورة الكهف: ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>