للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الرجلان أنتما»: نعم الرجلان وجدا إياكما، ولكنّ العرب لم تقل إلا: نعم الرجال كان الزيدون، ونعم النساء كانت الهندات، ونعم الرجل ظننت زيد، ونعم الرجلان وجدتما كما قال زهير (١):

٢٠١٨ - يمينا لنعم السّيدان وجدتما ... على كلّ حال من سحيل ومبرم (٢)

فعلم بهذا أنّ المخصوص لم يكن قبله ضمير، فيكون هو خبره، بل كان المخصوص مبتدأ مخبرا عنه بجملة المدح أو الذم ومن لوازم كون المخصوص خبرا جواز دخول (إن)؛ لأن الخبر، والمخبر عنه - عند من يرى صحة ذلك - جملة خبرية - أجيب بهما سؤال مقدر، وتوكيد ما هو كذلك بـ (إنّ) جائز، والجواز هنا منتف مع أنّه من لوازم الخبرية، فالخبرية إذا منتفية؛ لأنّ انتفاء اللازم يدلّ على انتفاء الملزوم، وأمّا على القول بأنّ المخصوص مبتدأ مقدم الخبر، فيلزم منه موافقة الواقع، وهو امتناع دخول (إنّ) إلا مع تقدم المخصوص كقولك في «زيد نعم الفتى»: إنّ زيدا نعم الفتى (٣).

وأجاز ابن عصفور أن يجعل المخصوص مبتدأ، محذوف الخبر، وهذا أيضا غير صحيح؛ لأنّ هذا الحذف ملتزم ولم تجد خبرا يلتزم حذفه، إلا ومحلّه مشغول -


(١) هو زهير بن أبي سلمى، الشاعر المشهور، واسم أبي سلمى: ربيعة بن فرط بن رباح المزني، من مزينة مضر، وهو من أصحاب المعلقات وجاهلي لم يدرك الإسلام. تنظر ترجمته في الشعر والشعراء (ص ١٤٣) برقم (٣).
(٢) البيت من الطويل، وهو من معلقته المشهورة في ديوانه (ص ٢٣) طبعة. المكتبة الثقافية - بيروت (١٩٦٨ م).
اللغة: لنعم السيدان: جواب قسم، والقسم وجوابه في موضع المفعول الثاني، لـ (وجد) وجملة المدح خبر، وألف الاثنين في (وجدتما) للحارث بن عوف، وهرم بن سنان. سحيل: الخيط الذي لم يحكم فتله، ومعناه الأمر السهل، وحالة السلم، ومبرم: الخيط الذي أحكم فتله، وأراد هنا: الأمر الشديد، وحالة الحرب.
والشاهد في البيت: قوله: «لنعم السيدان وجدتما»؛ حيث دخل الفعل الناسخ على المخصوص بالمدح، وأصله: لنعم السيدان أنتما، فأدخل الناسخ عليه فصار «وجدتما».
ينظر الشاهد في: شرح الكافية للرضى (٢/ ٣١٥)، وخزانة الأدب (٩/ ٣٨٧)، والتذييل والتكميل (٤/ ٥٣٤)، والأشباه والنظائر (٤/ ٢٣٤)، والدرر (٢/ ٤٧).
(٣) ينظر: شرح المصنف (٣/ ١٧)، والتذييل والتكميل (٤/ ٥٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>