للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

اللخميّ - أنّ مذهب سيبويه جعل (حبّذا) مبتدأ مخبرا عنه بما بعده (١). قال ابن خروف: (حبّ) فعل، و (ذا) فاعله، و (زيد) مبتدأ، وخبره (حبّذا) هذا قول سيبويه، وأخطأ من زعم غير ذلك.

قلت: صرّح المبرد في المقتضب، وابن السّراج في الأصول، بأنّ (حبّ) و (ذا) جعلتا اسما مرفوعا بالابتداء (٢)، ولا يصحّ ما ذهب إليه من ذلك؛ لأنّهما مقرّان بفعلية (حبّ) وفاعليّة (ذا) قبل التركيب، وأنّهما بعد التركيب لم يتغيرا، معنى ولا لفظا، فوجب بقاؤهما على ما كانا عليه، كما وجب بقاء حرفية (لا) واسميّة ما ركّب معها، في نحو: لا غلام لك، مع أنّ التركيب قد أحدث في اسم (لا) لفظا ومعنى ما لم يكن، فبقاء جزأي (حبذا) على ما كانا عليه أولى؛ لأنّ التركيب لم يغيرها، لا لفظا، ولا معنى، وأيضا: لو كان (حبّذا) مركبا تركيبا مخرجا من نوع إلى نوع لكان لازما كلزوم تركيب (إذ ما) ومعلوم أنّ تركيب (حبّذا) لا يلزم، لجواز الاقتصار على (حبّ) عند العطف (٣) كقول بعض الأنصار رضي الله عنه (٤):

٢٠٤٣ - فحبّذا ربّا وحبّ دينا (٥)

أراد: حبّذا دينا، فحذف (ذا) ولم يتغيّر المعنى، ولا يفعل ذلك بـ (إذ ما) -


(١) ينظر: البغداديات (٢/ ٩٤)، وابن الناظم (ص ١٨٥)، والمرادي (٣/ ١٠٨).
(٢) ينظر: شرح الألفية للشاطبي (٤/ ٥٣)، والمقتضب (٢/ ١٤٣)، والمرادي (٣/ ١٠٨)، والأصول لابن السراج (١/ ١٣٥)، والتذييل والتكميل (٤/ ٥٧١).
(٣) في شرح الألفية للشاطبي (٤/ ٥٤) رسالة: «لو كان تركيبهما مزيلا لهما عن حكمهما الأصلي لكان ذلك لازما، كلزوم (ما) لـ (إذ) في (إذ ما) ومعلوم أنّ (ذا) مع (حبّ) ليس كذلك، إذ يجوز أن تفصل (ذا) من (حب)». اه. وينظر: التذييل والتكميل (٤/ ٥٧١) رسالة.
(٤) هو عبد الله بن رواحة: صحابي جليل، أسلم، وحسن إسلامه، وكان أحد الأمراء الثلاثة الذين قتلوا يوم مؤتة. تنظر ترجمته في طبقات ابن سلام (ص ١٨٨)، والأغاني (٤/ ١٣٨).
(٥) هذا شطر بيت من الرجز، وقبله:
باسم الإله وبه بدينا ... ولو عبدنا غيره شقينا
اللغة: فحبّذا ربّا: ما أحبّه من ربّ، وحبّ دينا: ما أحبّه من دين، والمراد تمجيد الله تعالى، ودينه.
والشاهد في البيت: قوله: «وحبّ دينا»؛ حيث إن (ذا) من (حبذا) لو كانت إشارية ما حذفت.
ينظر الشاهد في: ديوان عبد الله بن رواحة (ص ١٠٧)، وشرح المصنف (٣/ ٢٤)، والأشموني (٣/ ٤٢)، والدرر (٢/ ١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>