للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وغيرها من المركّبات تركيبا مخرجا من نوع إلى نوع، فعلم بذلك أنّ تركيب (حبّذا) ليس تركيبا مخرجا من نوع إلى نوع.

وأيضا: لو كان (حبّذا) مبتدأ لدخلت عليه نواسخ الابتداء، كما تدخل على غيره من المبتدآت، فكان يقال: إنّ حبّذا زيد، وكان حبذا زيد، وفي منع ذلك دلالة على أنّ (حبّذا) ليس مبتدأ.

وأيضا: لو كان مبتدأ للزم إذا دخلت عليه (لا) أن يعطف عليه منفيّ بـ (لا) أخرى، فكان يمتنع أن يقال: ألا حبّذا زيد، حتّى يقال: ولا المرضيّ فعله، ونحو ذلك، كما يفعل مع المبتدأ الذي (حبّذا) مؤدّ معناه (١).

واختار ابن عصفور اسمية (حبّذا) مستدلّا بأنّ العرب قد أكثرت من دخول (يا) عليها، دون استيحاش، وزعم أنّ فعل ذلك مع غيرها، ممّا فعليته محققة مستوحش (٢) كقوله:

٢٠٤٤ - ألا يا اسقياني قبل غارة سنجال (٣)

وعكس ما ادعاه أولى بالصحة؛ لأنّ دخول (يا) على فعل الأمر أكثر من دخولها على (حبّذا) فمن ذلك قراءة الكسائيّ: ألا يا اسجدوا لله (٤) وقال العلماء: تقديره: ألا يا هؤلاء اسجدوا؛ فكذلك يكون التقدير في «يا حبّذا»:

يا قوم حبّذا، أو نحو ذلك. -


(١) ينظر: التذييل والتكميل (٤/ ٥٧٢).
(٢) ينظر: التذييل والتكميل (٤/ ٥٧٢). وفي المقرب لابن عصفور (١/ ٧٠): «كثر إدخالهم حرف النداء على (حبّذا) مما يدلّ على أنها اسم، ولذلك لم يستوحشوا من مباشرته الفعل، في نحو قوله:
ألا يا اسقياني قبل غارة سنجال
ولذلك قل». اه.
(٣) هذا صدر بيت من الطويل للشماخ بن ضرار الذبياني، من أبيات رثى بها بكير بن شداد الليثي، وكان غزا مع سعيد بن العاص حتى فتح أذربيجان، والبيت في ديوانه (ص ٤٥٦) طبعة دار المعارف (١٩٧٧ م) برواية:
ألا يا اصبحاني قبل غارة سنجال ... وقبل منايا باكرات وآجال
اللغة: سنجال: موضع بناحية أذربيجان، أو اسم رجل، والشاهد في البيت: قوله: «ألا يا اسقياني»؛ فقد دخلت (يا) التي للنداء، على فعل الأمر، وذلك مستوحش عند ابن عصفور.
ينظر الشاهد في: شرح الأبيات لابن السيرافي (٢/ ٢٨٣)، والمقرب (١/ ٧٠)، والمغني (ص ٦٠٩)، وشرح شواهده (ص ٧٩٦).
(٤) سورة النمل: ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>