للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فإنّ حذف المنادى، وإبقاء حرف النداء يجوز بإجماع، ومنه قول الشاعر:

٢٠٤٥ - يا لعنة الله والأقوام كلّهم ... والصّالحين على سمعان من جار (١)

وليس بشيء قول من قال - في قراءة الكسائيّ -: إنّ معناه: ألا ليسجدوا فحذف لام الأمر، وبقي الفعل مجزوما؛ لأنه قد روي عن الكسائيّ أنّ القارئ بروايته إذا اضطرّ للوقوف على الياء يقف بالألف، ويبدأ بعدها (اسجدوا) بضم الهمزة (٢)؛ فعلم بذلك أنه فعل أمر قبله (يا) وقد جعل بعض العلماء (يا) في مثل هذا لمجرّد التنبيه، دون قصد نداء، مثل (ها) ومثل (ألا) الاستفتاحية (٣)، وهذا هو الظاهر من كلام سيبويه في باب: عدّة ما يكون عليه الكلم (٤)، ويؤيد هذا كثرة دخولها على (ليت) (٥) في كلام من لا يحضره منادى، ولا يقصد نداء، كقوله تعالى: يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ (٦)، وكثرة معاقبتها (ألا) -


(١) هذا البيت من البسيط، وهو من أبيات سيبويه مجهولة القائل.
يروى: «الصالحين» - بالجر - عطفا على لفظ الجلالة، وبالرفع عطفا على محل لفظ الجلالة، إذا كان فاعلا في المعنى. «سمعان» بفتح السين، وكسرها «من جار» للبيان، متعلق بمحذوف، تقديره: على سمعان الحاصل من الجيران، أو: حاصلا من الجيران.
والشاهد في البيت: قوله: «يا لعنة الله»؛ حيث حذف المنادى لدلالة حرف النداء عليه، والمعنى:
يا قوم، أو: يا هؤلاء لعنة الله على سمعان. ولذلك رفع (لعنة) على الابتداء، ولو أوقع النداء عليها لنصبها، وقيل: يحتمل أن تكون (يا) لمجرد التنبيه.
ينظر الشاهد في: الكتاب (٢/ ٢١٩)، وشرح المفصل (٢/ ٢٤)، ومغني اللبيب (ص ٦١٠)، والهمع (١/ ١٧٤)، (٢/ ٧٠)، والدرر (١/ ١٥٠)، (٢ /
٨٦).
(٢) ينظر: البحر المحيط (٧/ ٦٩)، والتذييل والتكميل (٤/ ٥٧٣)، وشرح المفصل لابن يعيش (٢/ ٢٤).
(٣) في الخصائص (٢/ ٣٧٦، ٣٧٧): فأما قوله تعالى: أَلَّا يَسْجُدُوا فليس المنادى هنا محذوفا، ولا مرادا، كما ذهب إليه محمد بن يزيد، وقد أخلصت «يا» للتنبيه، مجردا من النداء، كما أنّ «ها» من قوله تعالى: ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ [النساء: ١٠٩] للتنبيه، من غير أن تكون للنداء». اه.
وينظر: البحر المحيط (٧/ ٦٩)، والتذييل والتكميل (٤/ ٥٧٣).
(٤) في الكتاب (٤/ ٢٢٤): «وأما (يا) فتنبيه، ألا تراها في النداء، وفي الأمر، كأنك تنبه المأمور، قال الشاعر - وهو الشماخ:
ألا يا اسقياني ... ... ...
البيت». اه.
(٥) ينظر: التذييل والتكميل (٤/ ٥٧٣)، والهمع (٢/ ٧٠).
(٦) سورة النساء: ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>