للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وحتّى رأى منّي أدانيك رقّة ... عليك، ولولا أنت ما لان جانبي (١)

وبعد ذلك البيت:

بأهلي ظباء من ربيعة عامر ... عذاب الثّنايا مشرفات الحقائب (٢)

قال الشيخ: وفي جواز حذفه - أي: حذف المخصوص - دليل على فساد قول من ذهب إلى أنّ (حبّذا) كلّه فعل، وأنّ المخصوص فاعل به؛ إذ الفاعل لا يجوز حذفه، ودليل على أنّه لا يكون خبر مبتدأ؛ إذ يلزم حذف الجملة بأسرها، من غير عوض عنها، ولا قائم مقامها، وذلك لا يجوز.

ومنها: أنّ المصنف قال - في قول القائل: وحبّ دينا -: إنّه أراد: وحبذا دينا، فحذف (ذا) ولم يتغيّر المعنى (٣)، فقال

الشيخ فيه: إنّ القواعد تأبى ذلك؛ لأنّه إن كان فاعلا فلا يجوز حذفه، وإن كان جزءا من المركّب الذي حكم عليه بأنّه اسم كلّه، أو بأنّه فعل كلّه، فلا يجوز حذفه؛ لأنّه - حال التركيب - صار جزءا من أجزاء الاسم، أو أجزاء الفعل، فكما لا يصحّ حذف بعض الاسم، ولا بعض الفعل، كذلك لا يصحّ في (حبّذا) (٤). وأمّا: «وحبّ دينا» فلا حذف فيه؛ لأنّ لـ (حبّ) استعمالين:

أحدهما: أن يليها (ذا) وتضمّن المبالغة في المدح.

والثاني: أن لا يليها (ذا) وتكون ممّا بني على (فعل) وأجري مجرى (نعم) و (بئس) فيتخرج «حبّ دينا» على أن تكون (حبّ) استعملت هذا الاستعمال الثاني، وعلى هذا يكون في (حبّ) ضمير يفسره قوله: (دينا) ويكون قد حذف المخصوص، والتقدير: وحبّ دينا ديننا، كما أنك تقول - لمن ذكر زيدا -: نعم رجلا زيد، فيكون مثل قول الشّاعر: -


(١) لامني: عذلني، والمعنى: عشقتك حتى كاد يقتلني العشق، وأكثرت زيارتك، حتى لم يبق صاحب إلا عذلني. أدانيك: أقاربك، والمراد: الوشاة، ويروى: «أعاديك»، والمراد: رأى الأعادي لينا مني، ولولاك ما لنت لهم.
(٢) المعنى: أفدي بأهلي نساء كالظباء عذاب الأفواه المبتسمة، مشرفات الحقائب، أي: عظيمات الأرداف.
(٣) ينظر: التذييل والتكميل (٤/ ٥٨٩).
(٤) ينظر: التذييل والتكميل (٤/ ٥٩١)، ومنهج السالك (ص ٤٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>