للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والأمر في ذلك أقرب (١)؛ لأنّ قولهم: ذرعت المرأة - إن ثبت - كان في غاية النّدور، فلا اعتداد به وكذا استعمال «يعيج» مثبتا لا عبرة به لندوره على أنّ لقائل أن يدّعي أنّ «أعيج» - في البيت - منفيّ؛ لأنّ الشاعر نفى الشرب الذي يحصل به الريّ، والانتفاع، فكأنّه قد نفى الريّ والانتفاع؛ إذ مراده أنه لا ريّ، ولا انتفاع، لانتفاء المشروب الذي من شأنه أن يحصل بسببه هذان الأمران.

ومنها: أنّ المصنف مثل لما لا يكون من الأفعال قابلا معناه للكثرة، نحو: مات، وفني، وحدث، كما تقدّم، وتبعه الشيخ في التمثيل بذلك، وأدرج معه في التمثيل قولهم: ما أحسنه! وما أقبحه! وما أطوله، وما أهوجه! وما أحمقه! وما أنوكه! (٢) وما أشنعه! (٣) فعدّ نحو هذه الأمثلة من الشاذّ، وتبع في ذلك ابن عصفور، فإنّه قال: العجب لا يكون إلا مما يزيد وينقص (٤).

وأمّا [٣/ ١٢١] الخلق الثابتة فلا يجوز أن تتعجب منها ثم قال: وكذلك الألوان وإنّما تتعجب من أوصافها ولا يتعجب منها إلا أن يشذّ من ذلك شيء فلا يقاس عليه، والذي شذّ من ذلك: ما أحسنه ... ، وسرد الأمثلة المتقدمة إلى آخرها، ولم يظهر لي كون الحسن، وما ذكر معه لا يزيد ولا ينقص؛ إذ المحسوس خلاف ذلك، ثم لم يظهر لي أيضا قول ابن عصفور، والظاهر أنه أراد بذلك الزيادة والنقص، لقوله: كالشدّة والضّعف، وإذا كان مراده ذلك فما المانع من التعجب؟، ويقوي ذلك قوله: ويتعجّب من أوصافها، والذي يظهر أنّ المصنف لا يرى شذوذ نحو:

ما أحسنه! وما أقبحه! لأنّه إنما اشترط في الفعل الذي يبنى منه صيغتا التعجّب أن يكون قابلا معناه للكثرة.

ولا شكّ أنّ «حسن» و «قبح» قابل معناه لها، وبعد أن كتبت هذا الذي -


(١) في هذا الكلام يرد ناظر الجيش اعتراض الشيخ أبي حيان، على ابن مالك.
(٢) في اللسان «نوك»: (النّوك - بالضم -: الحمق، وقد نوك - بكسر الواو - نوكا ونوكا - بفتح النون، وضمها - ونواكة: حمق، ثم قال: وقالوا: ما أنوكه! ولم يقولوا: أنوك به! وهو قياس عن السراج) اهـ.
(٣) ينظر: التذييل والتكميل (٤/ ٦٧٤) وفي المصباح المنير «شنع» شنع الشّيء شناعة - بالضم - قبح.
(٤) ينظر: الشرح الكبير لابن عصفور (١/ ٥٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>