للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

من حنك الغراب (١)، وقول النّبي صلّى الله عليه وسلّم - في صفة الحوض -: «أبيض من اللّبن» (٢) وإنّما كان هذان شاذّين؛ لأنهما من باب: أفعل فعلاء، وليسا كألدّ وأخواته، ممّا يناسب عسرا أو جهلا، وقد تقدم الكلام على ذلك.

وفي: «صيغ» - من قولي في أول هذا الباب: (مما صيغ منه التعجب) - ضمير يرجع إلى موازن الفعل والضمير في «منه» يرجع إلى «ما» أي: من اللفظ الذي صيغ منه موازن «أفعل» [٣/ ١٢٣] والتعجب، وأشرت بقولي: (ونيابة أشدّ ونحوه) إلى أنّ الفعل الذي يقصد أن يصاغ منه أفعل التفضيل إن لم يستوف القيود يتوصل إلى معنى التفضيل فيه بذكر «أشدّ» أو نحوه، ناصبا مصدر ذلك الفعل على التمييز، كقولك في «دحرج» و «علّم» و «اقترب»: هو أشدّ دحرجة، وأصحّ تعليما، وأكثر اقترابا، وكقولك: هو أفظع موتا، وفي «عور»: هو أقبح عورا، وفي «كحل» هو أحسن كحلا (٣).

ولما كثر استعمال صيغة التفضيل من الخير والشر اختصروها، فحذفوا الهمزة، وقالوا في المدح والذّم: هو خير من كذا، وشرّ من كذا، ورفض: أخير، وأشرّ، إلا فيما ندر كقول الراجز:

٢٠٨٩ - بلال خير النّاس وابن الأخير (٤)

-


(١) في المستقصى للزمخشري (١/ ١٩٢) بلفظ: أشد سوادا من حنك الغراب، و «حنك الغراب» هو منقاره. وفي كتاب «أفعل» لأبي عليّ القالي (ص ٩٤) بلفظ: أشد سوادا من حنك الغراب.
وينظر: شرح المفصل لابن يعيش (٣/ ٩٤).
(٢) في صحيح مسلم (٢/ ٣٢٧) - في صفة الحوض -: «وماؤه أبيض من الورق» وفي (ص ٣٢٠):
«أشدّ بياضا من اللبن».
(٣) ينظر: شرح المصنف (٣/ ٥٢)، والتذييل والتكميل (٤/ ٧٠٦)، والمساعد لابن عقيل (٢/ ١٦٦).
(٤) هذا البيت من مشطور الرجز، وقد نسبه ابن جني في المحتسب (٢/ ٢٩٩) لرؤبة بن العجاج وبعضهم نسبه لذي الرمة، غيلان بن عقبة، صاحب فيه، يمدح بلال ابن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري.
والشاهد فيه قوله: «الأخير» وهو شاهد على ندور إثبات همزة «أخير» في التفضيل.
ينظر الشاهد أيضا في: شرح العمدة (ص ٤٢٩)، وشرح التصريح (٢/ ١٠١)، والهمع (٢/ ١٦٦) والأشموني (٣/ ٤٣)، والدرر (٢/ ٢٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>