للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فقصد إلى ذكر الغير ليوفر ما يقتضيه معناه وذلك لا يحصل إذا تجرد عن هذه الثلاثة؛ لأنك إذا قلت: زيد أشرف لم يفهم من هو الذي زاد عليه هو في الشرف، فإذا أتيت بـ «من» أو أضفته علم المفضل عليه، وإذا أتيت باللام كقولك: زيد الأشرف، فالتعريف هو تعريف العهد وهو لا يكون معهودا، إلا على الصفة المذكورة، فإذا عرفته بالعهد فهو المعهود الذي قد عرف من هم المفضل عليهم هو ولا يجمع بين «من» واللام أو الإضافة، فلا يقال: زيد الأفضل من عمرو، ولأنهم لم يأتوأ بـ «من» إلا لما ذكرناه، من بيان المفضّل عليه وقد علم أنّ اللام تفيد ذلك، فلم يكن للجمع بينهما معنى.

وأيضا فإنّ معنى التعريف باللام أن يجعله للمعهود المفضل على من عهد تفضيله عليه بمعنى «من» تفضيله على من ذكر بعدها دون من سواه فيصير المعنى - عند الاجتماع - تفضيله باعتبار المعهود ولا باعتبار المعهود وذلك

تناقض، وأيضا فإنّ «من» تشعر باحتياجه ونقصانه، واللام تشعر باستغنائه وكماله. فلو جمع بينهما لكان كالجمع بين النقيضين.

قال المصنف (١): ويلزم «أفعل» التفضيل الإفراد والتذكير إذا كان عاريا أي:

غير مضاف ولا مشفوع بحرف التعريف، فيقال: زيد أكرم من عمرو، وهما أكرم من بشر، وهم أشجع من غيرهم، وهند أجمل من دعد، وبنتاهما أصلح، والأمّهات أشفق من الأخوات (٢)، ويلزم العاري أيضا أن يذكر بعده المفضول، مقرونا بـ «من» متصلة به كما رأيته من الأمثلة المذكورة آنفا، أو مفصولا بين «من» وبينه بمتعلق به، فصاعدا، كقوله تعالى: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ (٣).

وكقول الشّاعر: -


(١) شرح التسهيل لابن مالك (٣/ ٥٣).
(٢) في التذييل والتكميل (٤/ ٧٠٧، ٧٠٨): (إنّما كان بلفظ واحد مع «من»؛ لأن الغرض إنما هو تفضيل كرم زيد على كرم عمرو، فهو في المعنى إخبار عن المصدر؛ فوجب التذكير لغلبته على المصدر، فرفض فيه «فعلى») اهـ. وهذه أيضا علة عدم تثنيته وجمعه.
(٣) سورة الأحزاب: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>