للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ (١).

وقد ورد في الحديث الشريف الذي تقدّم الاستشهاد به الجمع بين الأمرين، وتقدّمت الإشارة إلى ما زعمه ابن

السرّاج، ولا شك أنّ القرآن العزيز، والحديث الشريف حجّة عليه. والظاهر أنّ الأمرين جائزان، على السّواء، لكن ذكر الشيخ عن بعضهم أنّ الأفصح من الوجهين المطابقة حتّى ردّ القائل بهذا على ثعلب قوله: اخترنا أفصحهنّ، فقال: كان الأولى أن يقول: فصحاهنّ؛ لأنه الأفصح، كما شرط في كتابه.

وقال ابن الأنباري: الإفراد، والتذكير أفصح؛ معللا لذلك بأنّ تثنيته ما أضيف إليه وجمعه وتأنيثه، أغنى عن تثنيته «أفعل» وجمعه وتأنيثه (٢).

وأقول: إذا اشتمل القرآن العزيز والحديث الشريف على الأمرين، فلا وجه لترجيح أحدهما على الآخر (٣) [٣/ ١٢٨].

البحث الثالث:

فهم الشيخ من قول المصنف، وإن قيدت إضافته بتضمين معنى «من» أن تقدر بين «أفعل» وما أضيف إليه فقال:

وكون إضافته بتضمين معنى «من» مبنيّ على أنّ إضافته غير محضة، وأنّها نوي بها الانفصال، قال: وإلى ذلك ذهب الكوفيون (٤). انتهى.

والذي يظهر أنّ المصنف لم يقصد ما أشار إليه الشيخ أصلا، وإنّما أراد بقوله:

تضمين معنى «من»؛ أنّ «أفعل» - حينئذ - قصد به التفضيل، لا مطلقا بل بالنسبة إلى مفضل عليه؛ فالمراد بقولك: زيد أفضل القوم - على هذا الذي قال -:

زيد أفضل من القوم، ويؤيد ذلك قوله في الألفية:

وتلو أل طبق، وما لمعرفه ... أضيف ذو وجهين عن ذي معرفه (٥)

-


(١) سورة البقرة: ٩٦. وهذه الآية الكريمة شاهد على عدم مطابقة «أفعل» لما قبله.
(٢) ينظر هذا الكلام لابن الأنباري في: منهج السالك (ص ٤١١)، والتذييل والتكميل (٤/ ٧٣٤).
(٣) يشير إلى أنّ القرآن الكريم قد ورد فيه المطابقة وعدمها، كما في الآيات الواردة من هذا البحث ويشير كذلك إلى ورود المطابقة وعدمها في الحديث الشريف، وقد سبق ذلك.
(٤) ينظر: التذييل والتكميل (٤/ ٧٣٠، ٧٣١).
(٥) في شرح الألفية لابن الناظم (ص ٤٨٢): (وإذا كان - يعني أفعل التفضيل - معرفا بالألف واللام -

<<  <  ج: ص:  >  >>