للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لإثبات الحسن الزائد، من غير نظر إلى مفضل عليه (١)، وهذا واضح، وإنّما كان قصد الشيخ - في الردّ على المصنّف - أن يقول: مذهب البصريين أنه لا يجوز استعمال «أفعل» لإثبات الفضل الزائد، أما أن يقول: إنّهم لا

يضيفون «أفعل» التفضيل إلّا إلى ما هو بعضه؛ فالمصنّف لا يخالف في ذلك وما أنشده الشيخ من قول الشاعر:

٢١٢٩ - يا خير إخوانه ... ... ...

فهو مثبت ما ادّعاه المصنّف من جواز: يوسف أحسن إخوته، بالمعنى الذي قرره (٢).

ثمّ، ليس مراد الزمخشري بقوله: إنّ «أفعل» هنا كقولك: فاعل؛ أنّه بمعنى فاعل؛ لأنّ «فاعلا» لا دلالة له على إثبات فضل زائد للموصوف، بل يراد بذلك أنّ إضافته تكون لمجرّد التخصيص كما أنّ «فاعلا» إذا أضيف كان لمجرد التخصيص، وأما قول الشيخ: إنّ تأويل «أفعل» بما لا تفضيل فيه البتة، وإنّه يصير كاسم الفاعل، والصفة المشبهة فشيء ذهب إليه المتأخرون (٣)، إلى آخر ما ذكره - فكلام عجيب؛ لأن المصنف كلامه الآن في «أفعل» المضاف إلى معرفة، لا في «أفعل» المجرّد، ثمّ لم ينتظم لي قوله هذا مع قوله قبل: وقد أثبت «أفعل» صفة، لا للتفضيل، والاشتراك في الصفة، أبو العبّاس - يعني المبرّد -، ولا شكّ أنّ المبرّد من كبار المتقدمين، فكيف ينسب هذا القول إليه ثم يقول: هذا شيء، ذهب إلى المتأخرون؟! وبعد فلم يتحقق لي في كلام الشيخ شيء في هذا الموضع، لما فيه من الاضطراب (٤).

البحث الثاني:

قد علمت أنّ «أفعل» المضاف إلى معرفة إذا أريد به معنى «من» يجوز فيه المطابقة لما قبله، كذي الألف واللّام، وعدم المطابقة كالعاري، قال الله تعالى:

وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها (٥)، وقال تعالى: وَلَتَجِدَنَّهُمْ -


(١) ينظر: التذييل والتكميل (٤/ ٧٢٣).
(٢) من إضافة «أفعل» إلى معرفة، وجواز ذلك على مذهب الكوفيين حيث لا يشترطون في «أفعل» أن يكون جزءا من المضاف إليه.
(٣) ينظر التذييل والتكميل (٤/ ٧٢٦).
(٤) أي: التناقض في كلامه؛ حيث نسب هذا القول لأبي العباس المبرّد - وهو من كبار المتقدمين - ثم ادعى أن هذا مذهب المتأخرين.
(٥) سورة الأنعام: ١٢٣. وهذه الآية الكريمة شاهد على مطابقة «أفعل» لما قبله.

<<  <  ج: ص:  >  >>