للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولده وذكر ما ذكره والده، وضمّ إلى ذلك بحثا، فأجببت إيراده، قال (١) رحمه الله تعالى: ويمكن أن يعلّل رفع «أفعل» التفضيل الظاهر معنى، في الأمثلة التي ذكرت بأمرين:

أحدهما: معاقبة الفعل إياه، فاستحقّ العمل، كما استحقّ اسم الفاعل معنى المعنى، إذا وقع صلة للألف واللام، وقرر ذلك إلى آخره، ثمّ قال: فإن قلت: فكان ينبغي أن يقضي جواز مثل هذا، بجواز رفع «أفعل» التفضيل للسببيّ المضاف إلى ضمير الموصوف نحو: ما رأيت رجلا أحسن منه أبوه، وفي الإثبات نحو: رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد؛ لأنّه يصحّ في ذلك كلّه وقوع الفعل موقع «أفعل» التفضيل.

قلت: المعتبر في اطراد رفع «أفعل» التفضيل الظاهر: جواز أن يقع موقعه الفعل الذي يبنى منه مفيدا فائدته، وما أوردته ليس كذلك، ألا ترى أنك لو قلت:

ما رأيت رجلا يحسن أبوه كحسنه؛ فأتيت موضع «أحسن» بمضارع «حسن» فاتت الدلالة على التفضيل، أو قلت: ما رأيت رجلا يحسنه أبوه؛ فأتيت موضع «أحسن» بمضارع «حسن» إذا فاقه في الحسن، كنت قد جئت بغير الفعل

الذي يبنى منه «أحسن»، وفاتت الدلالة على الغريزة المستفادة من «أفعل» التفضيل، ولو رمت أن توقع الفعل موقع «أحسن» على غير هذين الوجهين لم تستطع، وكذا القول في نحو: رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد؛ فإنك لو جعلت فيه «يحسن» مكان «أحسن» فقلت: رأيت رجلا يحسن في عينه الكحل كحسنه في عين زيد، أو: يحسن في عينه الكحل كحلا في عين زيد، فاتت الدلالة على التفضيل في الأول، وعلى [٣/ ١٣٤] الغريزة في الثاني (٢).

الأمر الثّاني: أنّ «أفعل» التفضيل متى ورد على الوجه المذكور وجب رفعه الظّاهر لئلّا يلزم الفصل بينه وبين «من» بأجنبي؛ فإنّ ما هو له في المعنى لو لم يجعل فاعلا لوجب كونه مبتدأ ولتعذّر الفصل به. -


(١) أي: قال الإمام بدر الدين بن مالك. وقد نقل عنه العلامة ناظر الجيش الكلام الآتي في الصفحات التالية، من هنا إلى قوله: (اطرد عند العرب إجراؤه مجرى اسم الفاعل، فيقولون: مررت برجل أفضل منه أبوه). وهذا من شرح الألفية لابن الناظم (ص ٤٨٦، ٤٨٧، ٤٨٨).
(٢) الكلام بنصه من شرح الألفية لابن الناظم (ص ٤٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>