للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فإن قلت: وأيّ حاجة إلى ذلك ولم يجعل مبتدأ مؤخرا عن «من»، فيقال:

ما رأيت رجلا أحسن في عينه منه في عين زيد الكحل، أو مقدما على «أحسن»؛ فيقال: ما رأيت رجلا الكحل أحسن في عينه منه في عين زيد.

قلت (١): لم يؤخر تجنبا عن قبح اجتماع تقديم الضّمير على مفسره وإعمال الخبر في ضميرين لمسمى واحد، وليس هو من أفعال القلوب ولم يقدم كراهية أن يقدموا لغير ضرورة ما ليس بأهم؛ فإن الامتناع من رفع «أفعل» التفضيل الظاهر ليس لعلة موجبة إنما هو لأمر استحساني. فيجوز التخلف عن مقتضاه إذا زاحمه ما رعايته أولى وهو تقديم ما هو أهم وإيراده في الذكر أتم وذلك صفة ما يستلزم صدق الكلام تخصيصه، ألا ترى أنك لو قلت: ما رأيت رجلا؛ كان صدق الكلام موقوفا على تخصيص رجل بأمر يمكن أنّه لم يحصل لمن رأيته من الرجال؛ لأنه ما من راء إلا وقد رأى رجلا ما، فلمّا كان موقوف الصدق على المخصّص وهو الوصف؛ كان تقديمه مطلوبا فوق كل مطلوب فقدم، واغتفر ما ترتب على التقديم من الخروج عن الأصل، فإن قلت: فلم لم يجز على مقتضى ما ذكرتم أن يرفع «أفعل» التفضيل الظاهر في الإثبات فيقال: رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد؟

قلت: لأنّ مطلوبية المخصص في الإثبات دون مطلوبيته في النفي؛ لأنّه في الإثبات يزيد في الفائدة، وفي النفي يصون الكلام عن كونه كذبا فلما كان ذلك كذلك كان لهم عن تقديم الصفة ورفعها الظاهر مندوحة؛ بتقديم ما هي

له في المعنى، وجعله مبتدأ فيقال: رأيت رجلا الكحل أحسن في عينه منه في عين زيد، ثمّ قال:

ولكون المانع من رفع «أفعل» التفضيل الظاهر ليس أمرا موجبا؛ اطرد عند بعض العرب إجراؤه مجرى اسم الفاعل، فيقولون: مررت برجل أفضل منه أبوه (٢).

ومنها: ما ذكره الشيخ بحثا ومناقشة للمصنف. وذلك في مواضع:

الأول: قول المصنف: والسبب في رفع «أفعل» التفضيل الظاهر في هذه الأمثلة تهيؤه بالقرائن التي قارنته لمعاقبة الفعل إياه وعلى وجه لا يكون بدونها، ألا ترى أنّ -


(١) الكلام بنصه من المرجع السابق (ص ٤٨٨).
(٢) لمراجعة كلام الإمام بدر الدين هذا، ينظر شرح الألفية لابن الناظم (ص ٤٨٦، ٤٨٧، ٤٨٨)، وفي (ص ٤٨٨): (أحسن منه أبوه).

<<  <  ج: ص:  >  >>