للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عين زيد، وبين المثال السابق؛ كلاهما فيه نفي المزية لا نفي المساواة، و «أفعل» التفضيل سواء أرفعت به المضمر أم المظهر، وإنما يدلّ على الزيادة في ذلك الوصف فإن كان الكلام مثبتا كانت تلك الزيادة ثابتة، وإن كان منفيّا كانت تلك الزيادة منفية، ولا يدلّ انتفاء تلك الزيادة على انتفاء المساواة بوجه.

قال: وأما قول المصنف: ولهذا قدره سيبويه ... إلخ؛ فليس على ما فهمه، وإنما أراد سيبويه أن يبين أنّ رفع «الكحل» بـ «أحسن» هو على طريق الفاعلية، وأنه جرى في ذلك مجرى الفعل فكما رفع الفعل الظاهر كذلك رفعه هنا «أفعل» التفضيل وأما أن يريد بذلك أنه انتفت المزية والمساواة فلا (١).

وقال (٢) أيضا - في قوله: فإن قيل: لا نسلم الالتجاء إليه؛ لإمكان أن يقال:

ما رأيت أحدا الكحل أحسن في عينه منه في عين زيد، فالجواب أنّ إمكان هذا اللفظ مسلم، ولكن ليس بمسلم إفادته ما يفيده اللفظ الآخر، من اقتضاء المزية والمساواة معا ... إلى آخره قد بيّنّا أنّ ذلك دعوى لا تصحّ البتة ولا فرق بين تقدم الوصف ورفع الاسم به أو تأخره وجعله خبرا للاسم.

ألا ترى أنه لا فرق بين: ما رأيت رجلا قائما أبوه، ولا بين: ما رأيت رجلا أبوه قائم؟ (٣). هذا كلام الشيخ مع المصنف أولا وثانيا.

وأقول: أما قوله: إن «أفعل» التفضيل إنما يدلّ على الزيادة في ذلك الوصف فإن كان الكلام مثبتا كانت الزيادة ثابتة وإن كان منفيّا كانت الزيادة منفية ولا يدلّ انتفاء الزيادة على انتفاء المساواة - فكلام صحيح، ولكن إنما يكون ذلك إذا سبق الكلام للدلالة على الإثبات فقط، كقولك: زيد أفضل من عمرو، أو على الانتفاء فقط كقولك: ليس زيد أفضل من عمرو، وأما الكلام الذي قصد به نفي الزيادة عن شيء باعتبار، وإثباتها لذلك الشيء باعتبار آخر نحو: ما رأيت أحدا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد؛ فليس الأمر فيه كذلك. فإنّ إثبات الزيادة يلزم منه انتفاء المساواة؛ إذ لو حصلت المساواة لم تكن الزيادة ثابتة فانتفاء المزية عن المفضول دلّ عليه بالمنطوق، وانتفاء المساواة دلّ عليه باللزوم، وإذا كان كذلك ثمّ قول -


(١) ينظر التذييل والتكميل (٤/ ٧٦٤، ٧٦٥).
(٢) أي: قال الشيخ أبو حيان.
(٣) التذييل والتكميل (٤/ ٧٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>