للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المصنف: إنّ المقصود بهذا التركيب نفي المساواة ونفي المزية. ولا شكّ أنّ قولنا:

ما الكحل في عين زيد أحسن منه في عين عمرو؛ نفي محض لم يقصد فيه إلى إثبات شيء فهو إنما يدلّ على نفي الزيادة فتمّ أيضا قول المصنف فيه إن لم يكن فيه تعرض لنفي المساواة وإنّما تعرض فيه لنفي المزية، وإدراك الفرق بين هذين التركيبين - أعني: ما الكحل في عين زيد أحسن منه في عين عمرو، و: ما رأيت أحدا أحسن في عينه الكحل منه في عين عمرو ظاهر، ولعلّه لا يخفى على من له أدنى تحصيل.

وإذا تبين أنّ قول المصنف تمّ فيما ذكره، تبين صحة قوله آخرا: فالجواب أنّ إمكان هذا اللفظ مسلم - يعني: ما رأيت أحدا الكحل أحسن في عينه منه في عين زيد - ولكن ليس بمسلّم إفادته ما يفيده اللفظ الآخر من اقتضاء المزية والمساواة معا، وإنّما مقتضى: ما رأيت أحدا الكحل في عينه منه في عين زيد؛ نفي رؤية الزائد حسنه لا نفي رؤية المساوي، واندفع كلام الشيخ حينئذ، واعلم أنّ الذي ذكره المصنف في هذا المثال - من أنّ سبب العدول عنه إلى المثال المشهور في هذه المسألة أنّ هذا المثال مقتضاه نفي رؤية الزائد حسنه لا نفي رؤية المساوي - أحسن من قول الإمام بدر الدين فيه: إنّ المانع منه كراهية أن يقدّموا لغير ضرورة ما ليس بأهمّ كما تقدم لنا نقل ذلك عنه (١).

الموضع الثالث: قول المصنّف: ولم يرد هذا الكلام، المتضمن ارتفاع الظّاهر بـ «أفعل» التفضيل إلا بعد نفي، ولا بأس باستعماله بعد نهي، أو استفهام، فيه معنى النفي كقولك: لا يكن غيرك أحبّ إليه الخير منه إليك، وهل في النّاس رجل أحقّ به الحمد منه بمحسن، لا يمنّ (٢)؛ فقال فيه الشيخ: وإذا كان لن يرد هذا الاستعمال إلا بعد نفي وجب اتباع السماع فيه، والاقتصار على ما قالته العرب (٣). انتهى.

ولا شكّ أنّ ما ذكره المصنف لا مانع منه من حيث الصناعة النحويّة، كيف ولا فرق في المعنى بين النّهي والاستفهام المراد به النفي، وبين النفي الحقيقي. -


(١) شرح الألفية لابن الناظم (ص ٤٨٨).
(٢) شرح المصنف (٣/ ٦٨).
(٣) ينظر: التذييل والتكميل (٤/ ٧٦٨) وبعده: (ولا يقاس عليه النهي ولا الاستفهام الذي يراد به النفي لا سيما ورفعه الظاهر إنما جاء في لغة شاذة فينبغي أن يقتصر في ذلك على مورد السماع، على أنّ إلحاقهما بالنفي ظاهر في القياس، ولكن الأولى اتباع السماع) اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>