للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أو معنى الماضي ما أراده غيره بقوله: إنّ اسم الفاعل العامل هو المذهوب به مذهب الزّمان، فإنّ الذي لا يذهب به مذهبه يجري مجرى الأسماء الجامدة، فلا يعمل أصلا، نحو قول الحطيئة:

٢١٤٩ - ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة ... فاغفر عليك سلام الله يا عمر (١)

فلم يرد بـ «كاسبهم» أنه كسب لهم، ولا أنّه يكسب لهم في حال ولا استقبال؛ فصار «كاسب» في البيت بمنزلة «والد» (٢)، كأنّه قال: ألقيت والدهم، فـ «والد» لا يعمل، كما لا يعمل «أب» فكذلك «كاسبهم» إذا أريد به هذا المعنى، وكذا يستفاد من قولي: (جارية في التذكير والتأنيث على المضارع من أفعالها) أنّ اسم الفاعل إذا لم يكن بهذه الصفة لا يعمل، فلا يجوز أن يقال:

هذه امرأة مرضع ولدها؛ لأن اسم الفاعل - إذ ذاك - لا يذهب به مذهب الفعل، بل مذهب السبب، فمعنى «مرضع»: ذات إرضاع، ولو ذهب به مذهب الفعل لم يكن بدّ من التاء، كما قال:

٢١٥٠ - كمرضعة أولاد أخرى .. ... ... البيت (٣)


(١) البيت من البسيط، وقائله: الحطيئة، الشاعر المشهور، من أبيات قالها لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما سجنه، إثر هجائه الزبرقان، واستعداء الزبرقان عمر بن الخطاب على الحطيئة.
ومعنى البيت: إنك ألقيت كاسب الأولاد وأباهم في سجن مظلم، وكانت السجون قبل آبارا.
والشاهد فيه: على ما ذكره الشارح. ينظر: ديوان الحطيئة (ص ١٦٤) ط. المؤسسة العربية بيروت.
(٢) في المساعد لابن عقيل (٢/ ١٩١) تحقيق د/ بركات: (وأثبت بعضهم في «كاس» كونه بمعنى «مكسو»، والأصح أنه اسم فاعل) اه.
(٣) هذا جزء بيت من الطويل، وهو بتمامه:
كمرضعة أولاد أخرى وضيّعت ... بني بطنها هذا الضلال عن القصد
وقائله: العديل بن الفرح العجلي، كما نسبه أبو تمام في الحماسة (١/ ٣١٢)، والعديل: شاعر إسلامي، عاش في العهد الأموي، من رهط أبي النجم العجلي.
اللغة: القصد: الصواب، والمعنى: من قاطع أصدقاءه صار كمرضعة ضلت الصواب، فأرضعت أولاد غيرها، وتركت أولادها.
والشاهد فيه قوله: «كمرضعة أولاد أخرى»؛ حيث عمل اسم الفاعل «مرضعة» في «أولاد»؛ حيث أجري «مرضع» مجرى الفعل في تأنيثه، وذهب به مذهب الفعل.
ينظر الشاهد في: التذييل والتكميل (٤/ ٧٨٣)، ومنهج السالك (ص ٣٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>