للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الاستعمال؛ لعدم الاعتماد على صاحب مذكور، أو منويّ، ولا إذا صغّر أو وصف، أو قصد به المضي، ولم يوصل به الألف واللام، ولا حكيت به حال [٣/ ١٣٨] فلا يقال: هذا ضويرب زيدا، ولا: هذا ضارب عنيف زيدا، ولا: هذا ضارب أمس زيدا، لا اليوم، وإنّما امتنع العمل بالتصغير والوصف؛ لأنّهما من خصائص الأسماء، فيزيلان شبه الفعل معنى ولفظا.

ولم ير الكسائيّ ذلك مانعا؛ لأنّه حكى عن بعض العرب: أظنّني مرتحلا وسويئرا فرسخا، وأجاز أن يقال: أنا زيدا ضارب، أي ضارب (١)، ولا حجة فيما حكاه، لأنّ فرسخا ظرف، والظرف يعمل فيه رائحة الفعل، وأما إجازته: أنا زيدا ضارب، أيّ ضارب؛ فلا حجة فيه؛ لأنّه لم يقل: سمعته عن العرب، بل ذكره تمثيلا، ولو رواه عن العرب لم يكن فيه حجّة؛ لأنّه كان يحمل على أنّ «زيدا» منصوب بـ «ضارب» و «ضارب» خبر «أنا»، وأي ضارب خبر ثان، وهذا توجيه سهل موافق للأصول المجمع عليها، فلا يعدل عنه، وقد احتجّ الكسائي بقول الشاعر:

٢١٥٩ - إذا فاقد خطباء فرخين رجّعت ... ذكرت سليمى في الخليط المزايل (٢)

ولا حجّة في هذا أيضا؛ لإمكان تخريجه على جعل «فرخين» منصوبا -


- لشبهه بالفعل المضارع في اللفظ والمعنى، أما اللفظ فلأن كل واحد منهما في الغالب على عدة حروف الآخر، وكل منهما متحرك الأول ساكن الثاني، وأما المعنى فلاشتراكهما في وقوعهما نعتا، وحالا، وفي لحوق حروف التثنية والجمع لهما، واتصال الظروف بهما، ودخول لام الابتداء عليهما) اهـ.
وفيه أيضا: (فإن كان للمضي لم يعمل فلا تقول: مررت بضارب زيدا أمس؛ لأنه إنما عمل لما ذكرناه من الشبه بينه وبين المضارع، وأما الماضي، فلم تقو مشابهته له، فلا يعمل إذا كان بمعناه) اهـ.
(١) ينظر مذهب الكسائي في: التذييل والتكميل (٤/ ٨٠٦).
(٢) هذا البيت من الطويل، ونسبه العيني لبشر بن أبي خازم، ولم أجده في ديوانه ط. دمشق (١٩٦٠ م) تحقيق د/ عزة حسن، وروي «المباين» في التذييل (٤/ ٧٨٢).
اللغة: إذا فاقد: أي إذا رجعت امرأة فاقد، وهي التي تفقد ولدها، خطباء: بينة الخطب، أي:
الكرب، فرخين: ولدين، رجعت: قالت: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، والخليط: المخالط.
والشاهد في البيت قوله:
«فاقد خطباء فرخين»؛
حيث استدل به الكسائي على جواز إعمال اسم الفاعل الموصوف؛ إذ «فرخين» معمول لفاقد بعد ما وصف بـ «خطباء».
ينظر الشاهد في: المقرب (١/ ١٢٤)، والتذييل والتكميل (٤/ ٧٨٢)، ومنهج السالك (ص ٣٢٨)، اللسان مادة «فقد» وهو عنده «في الخليط المباين».

<<  <  ج: ص:  >  >>