للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأجاز الكسائيّ أيضا إعمال اسم الفاعل المقصود به المضي، مع كونه عاريا من الألف واللّام، ومذهبه في هذه المسألة ضعيف؛ لأنّ اسم الفاعل الذي يراد به المضيّ لا يشبه الفعل الماضي إلا من قبيل المعنى، فلا يعطى ما أعطي المشابه لفظا ومعنى، أعني الذي يراد به معنى المضارع، كما لم يعط الاسم من منع الصرف بعلة واحدة ما أعطي ذو العلتين، وأيضا فإنّ الفعل المضارع محمول على اسم الفاعل في الإعراب فحمل اسم الفاعل عليه في العمل، ولم يحمل الفعل الماضي على اسم الفاعل في إعراب فلم يحمل اسم الفاعل عليه في العمل (١).

قال سيبويه: وإذا أخبر أنّ الفعل قد وقع وانقطع، فهو بغير التنوين البتة؛ لأنه إنما أجري مجرى الفعل المضارع له، كما أشبهه الفعل المضارع في الإعراب، فكلّ واحد منهما داخل على صاحبه (٢)، هذا نصّه، قلت (٣): فالمسوي في العمل بين اسم الفاعل المقصود به معنى الماضي، وبين اسم الفاعل المقصود به معنى المضارع كالمسوي بين الفعل الماضي والفعل المضارع في الإعراب وهذا لا يصحّ، فلا يصحّ ما هو بمنزلته، فإن وقع الذي بمعنى الماضي صلة للألف واللام استوى هو والذي بمعنى المضارع في استحقاق العمل؛ لأنّه وقع موقعا يجب تأويله فيه بالفعل، كما يجل تأول الألف واللام بالذي، أو أحد فروعه، فقام تأويله بالفعل مقام ما فاته من الشبه اللفظي، كما قام لزوم التأنيث في المؤنث بالألف، وعدم التكسير (٤) في الجمع مقام سبب ثان، في منع الصّرف، وإذا كان في وقوع الذي بمعنى الماضي صلة تصحيح لعمله، بعد أن لم يكن عاملا؛ كان في وقوع الذي بمعنى المضارع صلة توكيد لاستحقاق ما كان له من العمل.

والحاصل: أنّ اسم الفاعل الموصول به الألف واللام يعمل في المضيّ، والحضور، والاستقبال، وقد ظنّ قوم منهم الرماني (٥) أنّه لا يعمل إلا في الماضي، وحملهم على -


(١) من قوله: «وأجاز الكسائي» إلى هنا في شرح المصنف (٣/ ٧٥).
وينظر: شرح فصول ابن معط للقاضي الخوي (١/ ٣٥٠)، وقد سبق نقل كلامه.
(٢) ينظر: الكتاب (١/ ١٧١) تحقيق هارون.
(٣) القائل هو: ابن مالك، في شرحه على التسهيل.
(٤) في المرجع السابق «النظير» بدل «التكسير» وما هنا أدق وأنسب.
(٥) يراجع مذهب الرماني ومن معه، في الكتاب (١/ ١٢٧)، والتذييل والتكميل (٤/ ٨١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>