للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مجرى الفعل، الذي هو غير المبتدأ في المعنى لما احتيج فيه إلى ذكر ضمير يعود إلى المبتدأ، أشار إلى هذا التعليل ابن عصفور (١)، ولم يظهره لي ما ذكره، أما قوله: إن الوصف لا يكون إلا بالمشتق، وكذلك الحال أيضا فهذا إنما كان يفيد لو كان اسم الفاعل غير مشتق، فيقال: إنما ساغ عمله؛ لأنه وقع موقعا هو المشتق، لكنّ اسم الفاعل الذي الكلام فيه مشتق، فكيف نعلل اشتراط اعتماده على موصوف، أو ذي حال، بأنّ الوصف والحال لا يكونان [٣/ ١٤١] إلا بالمشتق.

وأمّا قوله: إنّ المشتقّ إذا وقع خبرا يعامل معاملة الفعل؛ فهذا إنما كان يفيد أنّه لو كان صالحا لا يحتمل ضميرا، وإنما عمله تشبيها له بالفعل، وليس الأمر كذلك؛ لأنّ المشتقّ من حيث هو مشتق يجب عمله في الضمير مع قطع

النّظر عن الفعل؛ لأنّ المشتقّ في الاصطلاح هو الدالّ على ذات قام بها معنى وإذا كان كذلك لم يتوجه ذكره، والذي ذكره غيره وهو أولى أنّه إنما اشترط اعتماد اسم الفاعل حال العمل على صاحب له؛ لأنّ ذلك أصل وضعه؛ لأنّه صفة في المعنى ولا بدّ من محكوم عليه، والمحكوم عليه به قد يكون مبتدأ وقد يكون موصوفا، ولا شكّ أنّ صاحب الحال حكمه حكم المبتدأ، وحكم الموصوف، فإنما اكتفى بالاستفهام والنفي إذا قدما ولم يحتج إلى اعتماد على صاحب؛ لأنهم لم يستعملوا الصفة قائمة مقام الفعل إلا في هذين الموضعين.

والذي يدلّ على أنّه موضوع موضع الفعل لا موضع الأسماء والصفات أنه يستقل بفاعله كلاما في قولنا: أقائم الزيدان، ولولا أنّه بمثابة قولك: أيقوم الزيدان؟

لم يستقل كلاما؛ إذ الصفة لا يثبت استقلالها بفاعلها، ولو قيل: إنّما اشترط في عمل اسم الفاعل الاعتماد على صاحبه، ليحقق كونه وصفا، فيتبين أنه يستحقّ العمل؛ إذ لو لم يكن خبرا ولا صفة ولا حالا لم تحقق وصفيته واحتمل أن يكون قد استعمل استعمال الأسماء كـ «والد» لكان أقرب.

ومنها: أنّ الأخفش والكوفيين لا يشترطون في إعمال اسم الفاعل الاعتماد، ومن ثمّ أجازوا: قائم «الزيدان»، و: قائم الزيدون؛ على أنّ «قائما» مبتدأ، وما بعده فاعل به (٢)، -


(١) الشرح الكبير لابن عصفور (١/ ٥٥٣).
(٢) ينظر في ذلك: التذييل والتكميل (٤/ ٨٠٠)، ومنهج السالك (ص ٣٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>