للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

واستدل الأخفش بقوله تعالى: وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها (١) في قراءة من رفع دانية (٢).

والجواب عن ذلك ظاهر، والذي عليه الجمهور أنّ ذلك لا يجوز، قالوا: لأنّ اسم الفاعل لا يسوغ له العمل إلّا في موضع يسوغ فيه وقوع الفعل، قال ابن عصفور:

ولذلك منع النحويون أن يقال: هذان ضارب زيدا وتاركه، إذا أردت أن أحدهما يضربه والآخر يتركه؛ لأنّه لا يجوز أن يقع الفعل في موضعه، لا تقول: هذان يضرب زيدا ويتركه، وأنت تريد أنّ أحدهما يضربه، والآخر يتركه (٣) انتهى.

وإنما عمل اسم الفاعل في «أقائم الزيدان؟» لما تقدّم تقريره.

ومنها: أنك قد عرفت أنّ اسم الفاعل إذا كان بمعنى الماضي ولم يكن صلة للألف واللام لا يعمل إلّا إذا قصد به حكاية الحال لكنّ المصنف لم يذكر مثالا للعامل محكيّا به الحال، والشاهد لذلك قوله تعالى: وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ (٤) قال ابن عصفور: والدليل على أنّ اسم الفاعل إذا كان ماضيا وعمل دون ألف ولام كان المراد به حكاية الحال أنه لا يوجد عاملا إلّا في موضع يسوغ فيه الفعل المضارع، نحو قولنا: كان زيد ضاربا عمرا، فلا شكّ أنّ «ضاربا» معناه المضيّ، وأنت لو صرحت بالفعل فيه لقلت: كان زيد يضرب عمرا.

قال ابن عصفور: وقوع الماضي هنا قبيح، فلولا أنهم أرادوا حكاية الحال في هذا الموضع لما كان وجه لوقوع الماضي فيه، وكذلك قولك: جاء زيد واضعا يده على رأسه، فـ «واضعا يده على رأسه» في هذا الكلام ماض من جهة المعنى، واسم الفاعل قد عمل؛ لأنك لو أتيت بالفعل في موضعه لقلت: جاء زيد يضع يده على -


(١) سورة الإنسان: ١٤.
(٢) في البحر المحيط (٨/ ٣٩٦): (وقرأ أبو حيوة «ودانية» بالرفع، واستدل به الأخفش على جواز رفع اسم الفاعل، من غير أن يعتمد، نحو قولك: قائم الزيدون). ثم قال: (وقرأ أبي: «ودان» مرفوع، فهذا يمكن أن يستدل به الأخفش) اهـ.
(٣) الشرح الكبير لابن عصفور (١/ ٥٥٦)، تحقيق صاحب أبو جناح.
(٤) سورة الكهف: ١٨.
وفي المرجع السابق (شرح الجمل) (١/ ٥٥٧): (وأما قوله تعالى: وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ فعلى حكاية الحال الماضية، ألا ترى أن الواو في (وكلبهم) واو الحال، تقديره: وكلبهم يبسط، فبطل حال المذهب).

<<  <  ج: ص:  >  >>