ليس لما جرت هي عليه، وإنّما هو لما بعدها؛ لأنّها لم ترفعه، إنّما رفعت ضمائر ما قبلها؛ فجرت مجرى ما هي لما قبلها معنى ولفظا.
وإلى هذين القسمين أشار بقوله: إذا كان معنى الصفة لسابقها إلى قوله: ولم ترفعه، ولما كان من الصفات ما لا يطابق ما قبله لأمر يرجع إلى ذات الصّفة، من حيث الاستعمال، أشار إلى ذلك بقوله: ما لم يمنع من المطابقة مانع واحترز به من صفة وقع فيها الاشتراك مطلقا، كـ:«جنب»، ومثله:«أفعل من» والمصدر الموصوف به الأفصح فيه، ومن صفة اشترك فيها المذكر والمؤنث، نحو: ثيّب وربعة، ومثلهما: جريح وصبور. قال المصنف:(ومما يخصّ المذكر أو المؤنث لفظا ومعنى، أو لفظا لا معنى، أو معنى لا لفظا). انتهى.
وهذا إنما يتأتى على مذهب الكسائيّ والأخفش؛ لأنهما هما اللذان يجريان المذكّر في الأقسام الثلاثة على المؤنث، والمؤنث على المذكر، وإذا أجريا فلا مطابقة، وأما غيرهما فلا يجري؛ فلا يحتاج إلى الاحتراز من ذلك على رأيه.
وإن كان [٣/ ١٥٩] معنى الصفة لسببيّ موصوفها ورفعته - وهذا هو الحكم الثالث - فالحكم أنها تجري في المطابقة مجرى الفعل المسند إلى ذلك السببيّ المرفوع بها، إذا وقع موقعها، فقد تطابق كما في: مررت برجل حسن غلامه، وبامرأة حسنة جاريتها، وقد لا تطابق، كما في: مررت برجل حسنة جاريته وبامرأة حسن غلامها، وبرجلين حسن غلامهما، وحسنة جاريتاهما، وبرجال حسن غلمانهم، وحسنة جواريهم، وبامرأتين حسن
غلامهما، وحسنة جاريتاهما، وبنساء حسن غلمانهنّ وحسنة جواريهن؛ لأنك تفرد الفعل إذا أوقعته موقع هذه الصفات عن ضمير التثنية والجمع، وتلحقه علامة التأنيث مع المؤنث، فعوملت الصفات معاملته في ذلك ولم يخرجوا عن هذا الأصل إلا في صورة واحدة، وهي ما إذا كان السببي المرفوع جمعا وأمكن تكسير الصفة المسندة إليه؛ فإنّ تكسير الصفة - إذ ذاك - جائز وهو أولى من إفرادها، كقولك: مررت برجال حسان غلمانهم، واحترز بإمكان التكسير من صفة لا يمكن تكسيرها، فيتعين الإفراد.
قال الشيخ: فيكون الإفراد فيه أحسن (١)، وليس بجيد وذلك كصيغة «فعّال»، -
(١) ينظر كلام الشيخ أبي حيان في: التذييل والتكميل (٤/ ٨٩٤).