للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يقال: المصدر في الحقيقة هو الفعل الصادر عن الإنسان، وغيره، كقولنا: إنّ «ضربا» مصدر في قولنا: يعجبني ضرب زيد عمرا، فيكون مدلوله معنى، وسمّوا ما يعبّر به عنه مصدرا مجازا، نحو: شرب، في قولنا: إنّ شربا مصدر منصوب، إذا قلنا: ضربت ضربا فيكون مسمّاه لفظا.

واسم المصدر اسم للمعنى الصّادر عن الإنسان وغيره: كـ: «سبحان»، المسمّى به التسبيح، الذي هو صادر عن المسبح، لا لفظ «ت س ب ي ح» بل المعنى المعبّر عنه بهذه الأحرف، وهو البراءة والتنزيه، وأسند ذلك بقول الزمخشري في باب العلم، وقد أجروا المعاني في ذلك، أي في موضع الإعلام مجرى الأعيان، فسمّوا التسبيح بـ «سبحان»، قال: فنص على المسمّى هنا معنى، لا لفظا. انتهى كلام الشيخ بهاء الدّين. فعلى هذا؛ الفارق بينهما أمر معنوي (١).

وقال الشيخ: اسم المصدر شيئان:

أحدهما: ما ينقاس بناؤه من الثلاثي على «مفعل» وممّا زاد على صيغة اسم المفعول، وهذا يعمل عمل المصدر ويجري مجراه في جميع أحكامه.

الثاني: ما كان أصل وضعه لغير المصدر، كـ: «الثّواب، والعطاء، والدّهن، والخبر، والكلام، والكرامة، والكحل، والرعي، والطّحن» ونحوها، من الأسماء التي أخذت من موادّ الأحداث، قال: فهذه وضعت لما يثاب به، ولما يعطى، ولما يدهن به، ولما خبز، وللجمل المقولة، ولما يكرم به، ولما يكحل به، ولما يرعى، ولما يطحن، فالبصريّون لا يعلمون شيئا من هذه، وأجاز الكوفيّون والبغداديّون الإعمال.

واستثنى الكسائيّ ثلاثة ألفاظ، فلم يعملها، وهي: «الخبز، والقوت، والدّهن»، ثمّ قال: فـ «ثواب» اسم مصدر، وكذا

«عطاء» خلافا للمصنف، وأمّا «عون، وعشرة، وكبر، وغرق، وكلام» فمصادر جاءت على غير قياس، لا أسماء مصادر، خلافا للمصنف أيضا (٢). انتهى.

وقد تقدم من كلامه أنّ «كلام» اسم مصدر، فيناقض قول فيه، وأفهم كلامه -


(١) ينظر: قول الزمخشري في المفصل (ص ١٠) الطبعة الثانية ط. دار الجيل - بيروت سنة (١٣٢٣ هـ) مع شرح شواهد المفصل، للسيد محمد بدر الدين، أبي فراس النعساني.
(٢) ينظر التذييل والتكميل (٤/ ٩٧٧)، ومنهج السالك (ص ٣١٧)، والهمع (٢/ ٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>