للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ثم قد فهمت من كلام الزمخشري المذكور آنفا معنى ابتداء الغاية مصاحب لها حال كونها مبعضة ومبينه ومزيدة، ويعضد كلامه قول النحاة إن ابتداء الغاية معنى لا يفارقها. وفي شرح الشيخ: زعم المبرد والأخفش (١) الصغير وابن السراج (٢) وطائفة من الحذاق (٣) والسهيلي (٤) أن «من» لا تكون إلا لابتداء الغاية وأن سائر المعاني التي ذكروها راجع إلى هذا المعنى (٥). انتهى.

وأما كونها للتبعيض فأمر مشهور لا يكاد يجهل، وأفهم كلام الشيخ أن هؤلاء الذين ذكرتهم وهم المبرد ومن معه لا يثبتون ذلك؛ لأنه بعد ما ذكره أولا قال:

وذهب الفارسي (٦) والجمهور إلى أنها تكون للتبعيض (٧)؛ قال: وصححه ابن عصفور مستدلّا بأنك لو جعلت مكانها بعضا لكان المعنى واحدا؛ ألا ترى أنه لا فرق بين قولك: أخذت من ماله، وأخذت بعض ماله، و: قبضت من الدراهم، وقبضت بعض الدراهم (٨)، قال: ولو وضعتها موضع «من» التي لابتداء الغاية في نحو:

سرت من الكوفة؛ لم يسغ أن تقول: سرت بعض الكوفة (٩). انتهى.

ولقائل أن يقول: لا يلزم من قول المبرد ومن ذكر معه أنها لابتداء الغاية نفي قصد التبعيض؛ غاية ما يفهم من مذهبهم أن معنى ابتداء الغاية لازم لها، ثم قد قصد بها معنى آخر منضمّا إلى معنى الابتداء، ويدل على ذلك المعنى الزائد سياق الكلام. ثم قول من قال: إن «من» التبعيضية بمعنى «بعض» وإن معنى «قبضت» من الدراهم قبضت بعض الدراهم؛ فيه إشكال وهو أنه يلزم منه أن تكون «من» اسما؛ لأنها وافقت في المعنى ما هو ثابت الاسمية وهو «بعض» فيجب الحكم باسميتها لذلك.

وقد ذكر المصنف في أول الكتاب ما يشير إلى أن ثم معارضا يمنع [٣/ ١٧٦] من القول -


(١) هو علي بن سليمان بن الفضل أبو المحاسن نحوي من أهل بغداد من تصانيفه: شرح سيبويه، والمهذب. توفي ببغداد (٣١٥ هـ) وراجع:
الإنباه (٢/ ٢٧٦).
(٢) الأصول (١/ ٤٩٨).
(٣) ينظر: الارتشاف (٢/ ٤٤١) والتذييل (٤/ ٢).
(٤) نتائج الفكر (٢/ ٢٧٢)، والسهيلي: عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد الخثعمي له الروض الأنف ونتائج الفكر. توفي بمراكش (٥٨٣ هـ).
(٥) التذييل (٤/ ٢).
(٦) الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي أخذ عن ابن السراج والزجاج، له: الإيضاح والتكملة والحجة والإغفال (ت: ٣٧٧ هـ) وراجع: الأعلام (٢/ ١٩٣)، والبغية (١/ ٤٩٦).
(٧)،
(٨) التذييل (٤/ ٢).
(٩) شرح الجمل (١/ ٤٨٤) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>