للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«من» لأن هذا موضع تبعيض فأراد أنه لم يأت بعض الرجال. هكذا قال، يريد أن «من» دلت على شمول الجنس؛ فلكل بعض منه قسط من المنسوب إلى جمعها فالتبعيض على هذا التقدير مقصود.

وتقدم أيضا قول المصنف بعد إيراد هذا الكلام: وهذا غير مرض؛ لأنه يلزم منه أن تكون ألفاظ العموم للتبعيض،

وإنما المقصود بزيادة «من» في نحو: ما أتاني من رجل جعل المجرور بها نصّا في العموم إلى آخر ما ذكره.

قال الشيخ: وما فهمه المصنف عن سيبويه ليس بصحيح؛ لأن سيبويه لم يرد بقوله: «لأن هذا موضع تبعيض» أنه حين زيدت كان الكلام بزيادتها استفيد منه التبعيض وإنما يريد أنها زيدت ناصة على العموم؛ لأن الكلام قبل الزيادة كان يفهم منه التبعيض ولم يكن نصّا العموم كما هو بزيادتها (١).

ومنها: أنه قال: تقسيم المصنف وغيره «من» هذه الزائدة إلى أنها تكون لاستغراق الجنس ولتأكيد استغراق الجنس ليس مذهب سيبويه بل قولك: ما جاءني من أحد، وما جاءني من رجل؛ «من» في الموضعين لتأكيد استغراق الجنس، قال: وهذا هو الصحيح؛ لأن من لم تدخل في قولك: ما جاءني من رجل، إلا على قولك: ما جاءني رجل؛ المراد به استغراق الجنس (٢). انتهى.

ولم يتضح لي ما ذكره. وقوله: لأن «من» لم تدخل في قولك: ما جاءني من رجل، إلا على قولك: ما جاءني رجل؛ المراد به استغراق الجنس - مسلّم، لكن لا يلزم من كون مراد المتكلم الاستغراق ألا يكون اللفظ محتملا لغير المراد؛ فإن نحو: ما جاءني رجل - وإن كان مراد المتكلم به الاستغراق - يحتمل أن يريد به نفي الواحد دون ما عداه وإذا كان كذلك فلا يصير نصّا في المراد إلا بذكر «من» ويصدق حينئذ أنها لتنصيص العموم، ومع كونها لتنصيص (٣) العموم يمكن أن يقال: إنها تفيد التوكيد أيضا فهي بالنسبة إلى المتكلم للتوكيد وبالنسبة إلى المخاطب لإفادة التنصيص على العموم، وربما يفهم أنها مفيدة التوكيد مع التنصيص على -


(١) التذييل (٤/ ٦).
(٢) التذييل (٤/ ٦).
(٣) وراجع: التصريح (٢/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>