للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قالوا: المعنى: لربما، وخرج [الأستاذ] (١) أبو علي وأصحابه ذلك على أن «ما» مصدرية و «من» لابتداء الغاية، وكأنهم خلقوا من الضرب؛ لكثرة ما يقع منهم، كما قال تعالى: خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ (٢) جعل كأنه مخلوق من العجل؛ لكثرة وقوع العجل منهم، فأما قول الشاعر:

٢٣٧٦ - نصحت أبا زيد فأدّى [نصيحة] ... إليّ وممّا أن تعزّ النّصائح (٣)

وقول الآخر:

٢٣٧٧ - الأغنياء بالقادسيّة إنّني على ... النّأي ممّا أن ألمّ بها ذاكرا (٤)

فلا يمكن أن تكون «ما» مصدرية؛ لأجل أن، قالو: فمعناها ربما، وتأوله من منع ذلك على أن ما نكرة موصوفة بالمنسبك من أن وما بعدها وهو مصدر كأنه قال: إنني على النأي من شيء إلمام بها ذاكرا فجعلهم من إلمامهم ذكرا لكثرة إلمامهم [٣/ ١٨٠] وكذلك النصيحة للإنسان تشق عليه فكأنه النصح مخلوق مما يشق على الإنسان، وهذا التأويل بعيد، ولا يجوز الوصف بأن والفعل. لا يجوز: مررت برجل أن يصوم، تريد: رجل صوم؛ لأن الوصف بالمصدر مجاز، ونيابة «أن» والفعل عنه مجاز فيكثر التجوز. والأولى في التخريج أن يقال إن «ما» مصدرية وجمع بينهما وبين أن المصدرية لاختلاف لفظهما وذلك في الشعر كما جاء قوله:

٢٣٧٨ - فأصبحن لا يسألنني عن بما به ... أصعّد في علو الهوى أم تصوّبا (٥)

وإذا جمعوا بين حرفي الجر مع كونهما عاملين فالجمع بين ما لا عمل له [و] هو «ما» [المصدرية] وما له عمل وهو «أن» أولى. انتهى (٦).

ومنها: أن المصنف قد تقدم من كلامه أنه قال: وأشار سيبويه إلى أن «من» الزائدة قصد بها التبعيض؛ لأنه قال بعد تمثيله بـ: «ما أتاني من رجل»: أدخلت -


(١) من التذييل (٤/ ٥).
(٢) سورة الأنبياء: ٣٧.
(٣) البيت من الطويل، ورواية الأصل: «نصحه» وبها ينكسر البيت وانظره في التذييل (٤/ ٥).
(٤) كالسابق مصدرا واستشهادا.
(٥) صدر بيت من الطويل وهو للأسود بن يعفر، وراجع: الخزانة (٤/ ١٦٢)، وسر الصناعة (١/ ١٥٣)، واللسان «صعد»، والمغني (ص ٣٩٠).
(٦) في هامش الأصل: البياض قدر خمسة أسطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>